08-10-2014

العاطفة.. نهمًا واكتفاءً!

لشخص النهِم، مهما أكل فهو لا يشعر بالشبع ولا يكتفي بكمية معينة من الطعام، وهذا يرتبط إما بحالة نفسية معينة يمر بها بعضهم وتكون مؤقتة، أو بحالة مرضية تحتاج إلى أدوية وعلاجات، فالشيء الطبيعي لدى البشر هو «الاكتفاء».. ينطبق هذا الوصف على العاطفة، فكل إنسان يحتاج إلى كمية معينة من العواطف والمشاعر التي تمنحه الاكتفاء، وتحقق ذاته وتُشبع رغباته، والشخص الذي لا يكتفي بالمقدار المعقول من العاطفة هو شخص «نهِم» مصاب بحالة نفسية غير سوية تحتاج إلى طبيب وعلاج. لو تأملنا حياتنا سنجد أن حالات عدم الاكتفاء العاطفي منتشرة بشراهة، فالرجل الذي لا يشعر بالاكتفاء العاطفي الذي تمنحه إياه زوجته، هو مصاب بذات المرض، وحتى لو بحث عن أخرى لترضي نهمه، فسيأخذ حاجته ثم يعود مجددًا إلى الشراهة في البحث عن أخرى، وهكذا فإن الحالة هي نوع من المرض الذي لم نلتفت له ونعتقد أنه طبيعة إنسانية - خصوصًا - لدى الرجل لأن الشرع حلل له أربعا، ولن أخوض في هذه المسألة الشرعية، ولست في وارد الحديث عنها، إنما حديثي هو عن حالة الاكتفاء العاطفي التي يحتاجها كل البشر، وهي بقدر محدد ومع شخص معيّن حتى لا تكون مجرد فوضى مشاعر وحالة من عدم الاستقرار النفسي والعاطفي.

بلوغ الإنسان إلى ذروة الشعور بالاكتفاء العاطفي في طريق سليم ومع الشخص الذي يستحق أن يأخذ العاطفة ويعطيها، هو الخط الطبيعي للإنسان الذي بطبيعته لا يحب إلا مرة واحدة في حياته، ولا يشعر بالرغبة الحقيقية ومعنى الحب إلا مع شخص واحد في حياته، عدا ذلك هو أن يكون في حالة بحث عن نصفه الآخر، هذا النصف ليس هو مجرد شخص يُحقق عاطفة مصطنعة لتستمر الحياة، أو أن تكون المشاعر نوعا من المجاملة، إنما مشاعر من أعماق النفس، مشاعر متبادلة تمنح الشخصين الاكتفاء، وعندما يحدث هذا فلا يمكن للرجل أن يشعر بامرأة أخرى، لأن ليس له سوى قلب واحد وجسد واحد وامرأة واحدة هي من تحقق له الاكتفاء العاطفي، ولو بحث عن هذه المشاعر لدى كل نساء العالم لن يجدها سوى لدى هذه المرأة، كلامي هذا ينطبق على المرأة أيضًا، إلا أنني لو ركزت في حديثي على الرجل فهذا لأنه صاحب العدد الأكبر من الخيانات، غير الشرعية، ولأن طبيعة مجتمعاتنا وتعاليمنا الدينية تربأ بالمرأة عن النزول إلى هذه المستويات سوى المرأة اللعوب وأظنها حالات نادرة.

قد تكثر حالات عدم الاكتفاء العاطفي في مجتمعنا لسبب أن الشاب يتزوج من فتاة تُعجب أمه أو أخته، أو قد تعجبه في البداية «شكلاً» وعندما يعاشران بعضهما يكتشفان أن كل العواطف بينهما لن تكون سوى شيء من المجاملة أو لهدف التعايش الشكلي في مجتمع لا يرحم، وهنا يصابان بالنهم والشراهة المرضية بحثًا عن الاكتفاء العاطفي، ولا أظنه يتحقق!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب