08-10-2014

عملٌ بسيط لكنه حضاري وإنساني

مبادرة حضارية رائعة أقدم عليها مستشفى بريدة المركزي حين قام بتكريم ممرضتين فلبينيتين عملتا بالمستشفى لمدة خمسة وثلاثين عاماً وكانتا خلال تلك المدة مثالاً للتعامل الإنساني الرفيع مع مرضى المستشفى.

هذه المبادرة الجميلة نقلتها «الجزيرة» ونشرت خبراً عنها في أحد أعدادها الأخيرة مع صورة جماعية معبرة للممرضتين مع زميلاتهما.

قد يرى البعض أن هذا التكريم هو أبسط ما يمكن أن تحصل عليه هاتان الممرضتان، وهذا صحيح. ولكن ما يجعل هذا العمل الذي أقدم عليه مستشفى بريدة المركزي يستحق الإشادة هو أن ما يحدث عندنا أحياناً ـ للأسف ـ هو عدم الاهتمام بمثل هذه الأمور ذات الجانب الإنساني.

ومن المؤسف أيضاً أن ذلك أكثر ما يحدث للعمالة الوافدة التي ينظر إليها البعض نظرة قاصرة بحجة أنها لا تعمل مجاناً وإنما تقدم خدمات مدفوعة الثمن.

وقد يبلغ الأمر ببعض أهالي المرضى إلى الاعتداء بالضرب والكلام الجارح على الأطباء والممرضات والممرضين والطواقم الصحية عندما يعتقدون أن هناك تقصيراً يحدث لمرضاهم حتى لو لم يكن هناك أي تقصير، بينما الواجب أنه حتى في حالة حدوث تقصير ألاَّ يستسلم الإنسان لغضبه وعواطفه ويرتكب تصرفات عنيفة وإنما يشتكي إلى الجهات المشرفة على المقصرين وخاصة أن «التقصير» مسألة نسبية في كثير من الأحيان، فقد تكون توقعات أهل المريض أكبر من إمكانات المستشفى مما يستلزم التحقيق في تهمة التقصير والتثبت منها.

هذه العمالة الوافدة التي تعمل لدينا هي شريكتنا في التنمية، كما أنها يمكن أن تكون أفضل سفير يمثل بلادنا عندما تعود إلى بلدانها وهي قد تكون شاهدة لنا أو شاهدة علينا بحسب سلوكنا وتعاملنا معها. وحتى في الحالات الشاذة التي قد تصل حد الإجرام من بعض أفراد العمالة الوافدة فإن ذلك يجب ألاَّ يكون مبرراً لتجاوز الإجراءات القانونية الصحيحة التي هي من اختصاص الشرطة والمحاكم وغيرهما وليست حقاً للمواطن كي يأخذ القانون على عاتقه ويكون هو القانون وإلا فإن المجتمع سيتحول إلى غابة.

من المصادفات، أيضاً، أن جريدة الجزيرة نشرت في نفس العدد خبراً عن اعتناق رجل هندوسي للإسلام في مدينة الرياض وذلك بسبب حسن تعامل الأسرة التي يعمل لديها. بينما هناك بعض الوافدين الذين يكونون معجبين بالإسلام قبل قدومهم إلى المملكة، لكن نظرتهم تتغير عندما يرون سلوك بعض المسلمين.

نحن نستطيع أن نكسب، بالكلمة الطيبة والتعامل الحسن، قلوب هذه الملايين التي تعمل لدينا. وهذه الفرصة المتاحة لنا لا تتوفر للكثير من المجتمعات الأخرى، فيا ليتنا نستفيد منها، وهذا ما يوجهنا إليه ديننا على كل حال.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب