13-10-2014

الاحتراف الأجنبي في الوزارات!!

سمعت قصة قد تكون مفيدة لمجتمعنا في ظل الكثير من التقصير في البنية التحتية، وكذلك في حاجة بعض الوزارات التي تعنى بمصالح المواطن لتطوير نفسها وأنظمتها؛ ما يحقق لها تبرئة ضميرها تجاه بلادها ومجتمعها. تتحدث القصة عن نجاح كبير حققه قائد شرطة بإحدى الولايات الأمريكية في التقليل الكبير من معدلات الجريمة على مستوى ولايات أمريكا جميعها. هذا النجاح دفع حكام ولاية أمريكية أخرى إلى إعطاء قائد الشرطة هذا عرضاً وظيفياً مغرياً، جعله يقبل به، وينتقل للعمل قائداً للشرطة في تلك الولاية.

ولأن الشخص الناجح من الصعب أن يفشل فقد حقق هذا القائد نجاحاً مضاعفاً أكبر بكثير من نجاحه السابق. نجاح قائد الشرطة في الحد من الجرائم وضبط الأمن جعل العروض تنهال عليه من دول أخرى. ولأن المكسيك (جارة أمريكا) تعاني من معدلات الجرائم المرتفعة فقد قدمت عرضاً وظيفياً لا يقاوَم؛ لتنجح في استقطاب هذا القائد للعمل في سلك الشرطة عندهم، والإشراف على كل ما يخص الشرطة المكسيكية، والعمل على تطوير عملها. هذه القصة وغيرها من عشرات القصص تجعل استقطاب الخبرات من أفضل الحلول وأنجحها في تطوير وإنجاح الكثير من عمل الوزارات أو الجهات التي تهتم بمصالح الناس، سواء صحتهم أو تعليمهم أو كل ما يتعلق بهم، سواء صغر الأمر أو كبر. لكم أن تتخيلوا لو أن المخططين منذ عشرات السنين كانوا مختصين أجانب لوزارة الصحة أو التعليم أو المواصلات، فماذا سيكون مستواها ومستوانا؟!

لو كان هناك مسؤول أجنبي خبير في البريد لما أُهدرت الملايين من الريالات في شراء صناديق بريدية وتعليقها على أبواب بيوت المواطنين، ثم إهمالها لتصبح من أكثر الأشياء التي تشوه ديكور بيت المواطن كمثال مضحك على (مسمار جحا). لو كان هناك مسؤولون خبراء في التعليم لما تعثر بناء العشرات من المدارس، ولحلت مشاكل المدارس المستأجَرة التي يظهر بعضها وكأنه في دولة إفريقية فقيرة، لا تملك مالاً كافياً لبناء مدرسة!

لو كان هناك مسؤولون أجانب في وزارة التجارة لما سُرقت الملايين من جيوب المواطنين في 104 مساهمات عقارية وهمية، رمت بالكثير منهم إلى مسافة بعيدة تحت خط الفقر، ولما هرب الكثير من التجار السعوديين إلى دول أخرى لبناء مصانعهم أو تأسيس مشاريعهم، وتجعل من أبسط حقوقهم منحهم (الفيز) الكافية لجلب العمالة التي تحتاج إليها مشاريعهم.

ليس لدي عقدة ضد المسؤول المحلي، ولا أعتقد أن هذا الأمر يمثل عاراً على البلد أن يستقطب خبرات أجنبية ذات نجاحات سابقة على أرض الميدان. الخبرات الأجنبية هي التي جعلت من أرامكو وموظفيها في أعلى مستوى مهني من الأداء، سواء على صعيد المنشآت أو على صعيد الموظف السعودي؛ إذ لا يمكن إنكار تفوق الموظف في أرامكو على جميع أقرانه في القطاعات الأخرى، سواء كانت حكومية أو خاصة. كما لا يمكن إنكار أن هذا التفوق والنجاح كان بفضل الخبرات الأجنبية - بعد الله سبحانه - وما زلنا نتغنى بنجاحات أرامكو، وسنظل نتيجة الأسس والأنظمة والخبرات التي وضعها الخبير الأجنبي، والتي استمر مفعولها حتى بعد رحيله. لا يجب أن يكون أمر استقطاب خبرات أجنبية ضد الوطنية من قِبل البعض الذين يهمهم تعطيله؛ فهذه دول كثيرة تفعل ذلك، وها هي تتقدم علينا كل سنة أكثر من سابقتها. نحن بحاجة ماسة لذلك إن أردنا اختصار الوقت، واتجهنا إلى الحلول الواقعية بدلاً من هدر الوقت في ظل تقهقر مجتمعنا وبطء محاكاة تطور المجتمعات الأخرى التي جعلت بلادها وأنظمتها قوية جداً. نحن من أكثر دول العالم التي تستقطب الملايين من العمالة الأجنبية، ولم يدخل ذلك ضمن التشكيك في وطنيتنا، مع أن هذه العمالة نافست المواطن البسيط على رزقه. فمن باب أولى استقطاب العقول والخبرات الأجنبية ذات النجاحات المعروفة، كل في مجاله!

Twitter: @sighaalshammri

مقالات أخرى للكاتب