29-10-2014

الصكوك المزورة المغسولة

بعد أن فجَّرت الجهات العدلية قنبلة الصكوك المزورة والمخالفة الملغاة التي تتعلق بأراض تبلغ مساحاتها مئات الملايين من الأمتار المربعة وتتجاوز قيمتها مئات المليارات من الريالات ثار جدلٌ كبير حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة التي كانت تتدحرج مثل كرة ثلج كبيرة على مدى فترة زمنية طويلة جداً!

أولاً، وقبل كل شيء شكراً لوزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الذي يقود هذا التغيير الكبير لتنظيف ملفات كثيرة علاها الغبار في الدهاليز والأقبية. وثانياً، شكراً للتقنية التي لا تعرف المجاملات فوضعت الأمور في نصابها بحرفية محايدة ثم تركت القرار لأهل القرار وصُنَّاعه.

نعم قد يكون هناك ضحايا، لكن احتماء المزورين بالضحايا غير مقبول. وكما قال المصدر المسؤول بمحكمة الاستئناف بالرياض لجريدة الجزيرة انه لو تم غض النظر عما يحدث لأي سبب فإنه سوف «يصبح التملك بالتزوير والاحتيال يحصل من خلال أول عملية تزوير يتم بعدها إجراء عملية غسيل للصك». وسوف تتوالى عمليات الغسيل ويختلط الحابل بالنابل في عمليات مقصودة لترسيخ الأمر الواقع.

لقد أدت هذه العمليات إلى تضخيم مهول لثروات بعض الناس على حساب الصالح العام والمال العام، وأصبحنا نشكو من ندرة الأراضي حتى إن وزارة الإسكان تقف اليوم حائرة أمام ملياراتها المُكَوًّمة الممنوحة لها من الدولة والتي لم تستطع استخدامها لبناء مساكن للشعب لأن بلادنا المترامية الأطراف «تعاني من شح الأراضي»!!

هذه المخالفات أسهمت في توسيع الهوة في مداخيل الفئات المختلفة من المواطنين، وصارحلم بناء مسكن متواضع لأسرة صغيرة دونه خرط القتاد! وحتى عندما طُرِحت فكرة وضع رسوم على الأراضي البيضاء بدأت «اللوبيات» تتحرك لترسيخ الأمر الواقع وتعميق احتكار الأراضي.

بعد أن كتبت مقالة عن هذا الموضوع يوم السبت الماضي وصلتني بعض التعقيبات التي لا يتسع حيِّز هذه الزاوية لتناولها. لكن معظم التعقيبات ترى أن هذه الخطوة من وزارة العدل تستحق الشكر، وأن قرار الإلغاء يجب أن يمضي بغض النظر عن المتورطين بالتزوير سواء من مُلاَّك الأراضي او القضاة أو كتاب العدل أو موظفي وزارة العدل والمحاكم أو أياً كان.

كما أن هناك من يرى أن من الصعب تغيير الأمر الواقع وخاصة ما يتعلق بالأشخاص الذين اشتروا أراضي ذات صكوك موثقة بمبايعات رسمية بصرف النظر عن أن الأصل كان مزوراً. ومع التفهم لوجهة نظر هؤلاء فإنه يجب معالجة الأمر ليس بالرضوخ للأمر الواقع الذي قام على نهب أملاك الدولة والاستيلاء عليها وحرمان المواطنين منها والتسبب في غلاء الأراضي وزج البلد في أزمة سكنية عاتية حتى صار جزء كبير من دخل المواطن يضيع في تسديد إيجار منزله. يجب على الدولة بأجهزتها المختلفة أن تدرس الموضوع وتجد له الحلول بشرط ألاَّ يكون ذلك على حساب المصلحة العامة والمال العام، وقد يكون ذلك صعباً لكنه ليس مستحيلاً.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب