30-10-2014

الدكتور (برعي) !

سأروي لكم اليوم قصة الطبيب السوداني (برعي)، والتي تحمل في طياتها معاني عظيمة لا يمكن تجاوزها لأنها تعكس الوفاء المتبادل والكبير بينه وبين أبناء قرية (وادي آل حسين) التي تقع في أقصى جنوب المملكة وتحديداً في منطقة (بالأحمر)!.

الإنسان السعودي (وفي) بطبعه وفطرته، لن تغيره المدنية، ولن تلغي مشاعره وتيرة الحياة (العصرية والمتسارعة)، وهذا ما ينتظر أن نشاهده (مساء اليوم) في الرياض عندما يتم تكريم (الدكتور برعي) من عدد من أبناء القرية بالرياض، فمالسبب؟!.

القصة كما يرويها لي بعض أبناء القرية: إن الطبيب (السوداني) عمل في مستوصف قريتهم (الوحيد) كطبيب عام لمدة - عشرين عاماً - لم يكن فيها طبيباً فقط، بل اختلط بأهل القرية الذين يقدر عددهم بنحو (3 الآف مواطن) ليعرفه الجميع حاضراً في المناسبات، متقيداً بالعادات والتقاليد، مساهماً في كل عمل يقوم به الأهالي، كان الطبيب (برعي) يزور (عجائز القرية) في منازلهنّ برفقة زوجته - رحمها الله - ليقدم لهن الرعاية المنزلية البسيطة، ويعطيهن - إبر الأنسولين - ويتابع حالتهن، عندما يصعب وصولهن للمستوصف!.

تحول الطبيب (برعي) إلى ملجأ - لكبار السن - ليعبروا له عما يضايقهم من تصرفات بعض أبنائهم ومن صعوبات الحياة التي تواجههم ليبحث لهم عن الحلول؟ يتذكر أهل القرية أن الكثير من (الأبناء) صلح حاله، بعدما تدخل الطبيب ونصح الابن، وحذره من خطورة العقوق على صحة الأب أو الأم، من هنا تدرك أن (برعي) ليس طبيباً فحسب؟! فقد أثر في (جيل كامل) من أبناء القرية، ليكملوا دراستهم، ويصنعوا مستقبلهم بأيديهم، وبدأ بنفسه كأول من يسافر لإكمال الدراسة خارج القرية!.

عندما غادر الطبيب عام 1426هـ لإكمال دراساته في الطب في (مصر وكندا وألمانيا) عم حزن شديد أرجاء القرية وشعروا أنهم خسروا أحد - أبنائهم المخلصين - انقطعت أخبار الطبيب الإنسان (برعي) على مدى 10 سنوات تقريباً!.

قبل (سنة) اكتشف أبناء القرية عن طريق (تويتر) أن طبيبهم، عاد للعمل في الرياض بعد أن أكمل دراسته بالفعل، وهو استشاري في أحد مستشفياتها، تواصلوا معه وزاروه وزارهم!.

اليوم الخميس سيكون موعدا لتكريم هذه الشخصية في إحدى (الاستراحات الخاصة بالرياض)، وسيتم نقل الحدث لأبناء القرية عن طريق (سكايبي) حيث ينتظر أن يتداخل بعض كبار السن ليعبروا عن شكرهم مجدداً (لبرعي)!.

أرجو أن تصل هذه القصة ومعانيها العظيمة إلى أسماع كل (طبيب سعودي) يرفض العمل في الأطراف، وبعيداً عن المدن، فنحن من يجب أن نصنع الفارق (لوطننا)!.

وعلى دروب الخير نلتقي.

fahd.jleid@mbc.net

fj.sa@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب