31-10-2014

كابوس إيراني اسمه السعودية

مارست إيران- ولا تزال- مختلف أنماط السلوك العدائي لدول الجوار ولاسيما المملكة العربية السعودية بعد الثورة الإيرانية عام 1399هـ/1979م؛ والوازع لذاك ليس نقصاً في مقومات الحضارة لديها بقدر ما هو استفزاز وجر هذه الدول لمستنقعيها الملوث بتخلفها الفكري ولعنصريتها للعرب ولمسلمي مذهب أهل السنة والجماعة، ورغبتها في السيطرة عليها والتحكم في مصادر قوتها وثرواتها، وسرعان ما يأتي الاستنفار الأمني السعودي معادلاً لمستوى الأحداث.

وقد حرضت إيران أبناء الشيعة في محافظة القطيف، والمدينة المنورة على القيام بأعمال عبثية لا تقبلها تعاليم الدين السمحة، ولا توجيهات الأمن الداخلي، وامتد التحريض ليصل أتباعها من شيعة اليمن جهة جنوب المملكة ومن شيعة العراق جهة شمالها؛ لاستفزاز السعودية وجس نبضها. ولم تراع قدسية زمن الحج ومكانه ووقار ضيوف الرحمان، في المقابل تتألف التركيبة السكانية في إيران من أقليات دينية مختلفة في حجمها وتأثيرها ومن بينها العرب والأهواز ويشكل المسلمون معظم السكان، وتصل نسبتهم (99.6 %) نصيب السنة (9 %) ومع ذلك لم تحرض السعودية المسلمين السنيين في إيران على افتعال أعمال تخريبية من إثارة الفتن وهز الأمن وترويع الآمنين وإفساد المجتمع، كما لم تمارس ضغوطاً عليها لإيقاف سلسلة إعدامات أهل السنة فيها، ليس قصوراً في إمكاناتها، بل لعلمها بحسابات وتوازنات قد لا يفقهها إلا من تربى في بيت حكم، ليس من جاء إلى القصر الرئاسي بفعل صندوق الانتخابات أو على آليات عسكرية. وعلى العموم. تزخر محركات البحث بمعلومات عن أنماط السلوك العدائي الإيراني تجاه السعودية المعلنة من قبل مقام وزارة الداخلية، وهي كثيرة وتتوزع إلى:

أولاً: السلوك العدائي المعلن:

وأعني به مجموعة الأعمال العبثية التي تلحق الضرر في البنى التحتية، والأرواح، ناهيك عن ممارسة الضغوط النفسية على الآمنين في مختلف مناطق السعودية. ومن الأمثلة:

* في المنطقة الشرقية:

- في 25 نوفمبر 1996م تم تفجير مجمع سكني يتألف من ثمانية طوابق في الخبر بمحافظة الظهران، وتسكنه القوات الأمريكية، وقد أثبت مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي بتورط إيران في هذا العمل التخريبي، إذ تم جلب المتفجرات من لبنان، وراح ضحيتها (19) عسكريا أمريكيا.

- وفي صيف 1432هـ حرض نمر باقر النمر أبناء طائفته؛ بقصد إذكاء الفتنة الطائفية في القطيف وجلب التدخل الخارجي ودعم حالة التمرد في البحرين. بالإضافة إلى اجتماعه بعدد من المطلوبين أمنياً، والدفاع عنهم في خطب الجمعة، والتستر عليهم، وتخفيه عن رجال الأمن بعد أن علم أنه مطلوب للسلطات على خلفية اتهامه بجرائم في أحداث الشغب في مقبرة البقيع في المدينة.

- وفي صفر عام 1433هـ تم القبض على محمد الزنادي في العوامية بمحافظة القطيف وهو مصاب جراء تبادل إطلاق ناري مع رجال الأمن. وهو المطلوب رقم (17) على قائمة من قاموا بأعمال الشغب وإطلاق نار وتخريب ممتلكات وإثارة الفتنة في المنطقة الشرقية ومجموعهم (23) مطلوباً.

* في المنطقة الغربية:

- في غرة محرم لعام1400هـ صرح الخميني بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تقف خلف حادثة اقتحام الحرم المكي الشريف بفعل جهيمان العتيبي في محاولة منه لخلق مشكلة في العلاقات السعودية الأمريكية في عهد الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله.

- وفي عام 1402هـ أصدرت وزارة الداخلية السعودية أن مجموعة من الحجاج الإيرانيين تظاهروا أمام المسجد النبوي ورددوا هتافات بعد صلاة العصر يوم 20 ذي القعدة كما رفعوا صوراً للخميني. كما جرت محاولات أخرى للتظاهر لكن القوات الأمنية فرقتها بالحسنى.

-وفي 7 شوال عام 1403هـ دحض سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله مزاعم إيرانية حول عدم استجابة السعودية للطلبات الإيرانية والمسؤولة عن راحة الحجاج الإيرانيين بسبب حمل بعضهم أسلحة يدوية وسكاكين مع كميات من المنشورات والبيانات الدعائية للإمام الخميني وبعضها يتضمن مضامين تهجم صريح على المسؤولين في السعودية وإطلاق هتافات تتنافى مع كلمات التوحيد.

- وفي 3 ذي الحجة عام 1406هـ اصطحب حجاج إيران متفجرات من نوع (C4) وهي تحتوي على مركب (RBX) التي تندرج تحت فئة المتفجرات البلاستيكية شديدة الانفجار، وقد وضعوها في حقائبهم، وتم بفضل الله ثم بفضل رجال الأمن في مطار الملك عبد العزيز بجدة من إحباط محاولتهم، وبسؤال مدير قافلة حجاج إيران عن مبرر محتوى الحقائق أجاب بتوجيه السؤال للحكومة الإيرانية.

-وفي عام 1407هـ قام حجاج إيرانيون بأعمال شغب في 6ذي الحجة، وذهب ضحية هذه الأحداث (400) حاج وهي أنفس بريئة غالبيتهم من الإيرانيين.

-وفي موسم حج عام 1409هـ حدثت تفجيرات بفعل شيعة كويتيين غالبيتهم من أصول إيرانية، وبتخطيط إيران، وقد كان لهم يد في محاولة اغتيال أمير دولة الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله، وهم الذين اختطفوا طائرة الجابرية بقيادة عماد مغنية، وقد تم بفضل الله معاقبة الجناة.

-وفي 10 ذي الحجة لعام 1410هـ أطلق حجاج شيعة كويتيين غازات سامة في نفق المعيصم مما أدى إلى اختناق (4000) حاج غالبيتهم أتراك وإندونيسيين وهم بملابس الإحرام، وقد تم بفضل الله معاقبة الجناة.

- وفي يومي15 و19 صفر من عام 1430هـ حدثت مواجهات بين متظاهرين شيعة وقوات الأمن وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ نتيجة محاولة شيعة القطيف إحياء ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم في مقبرة البقيع.

- وفي 6ذي الحجة من عام 1434هـ قام عدد من حجاج إيران بأعمال تظاهر ومسيرات وعنف مع رجال الأمن السعودي تسبب في وفاة عدد من الأشخاص في مكة المكرمة.

* في الحد الشمالي:

وفي 17 ذي الحجة 1434هـ ضرب واثق البطاط وهو رجل دين عراقي وإمام حسينية الإمام كاظم في النجف وقائد جيش المختار مخافر سعودية بالقذائف، وهدد بتنفيذ عمليات أخرى داخل الأراضي السعودية.

* في الحد الجنوبي:

حرضت إيران الحوثيين اليمنيين لافتعال صدامات مع السعودية قبل موسم حج عام 1430هـ، حيث حاول بعض المجموعات الصغيرة التابعة لجماعة الحوثي التسلل للحدود السعودية مختفين بملابس نسائية وباكستانية؛ بقصد خداع رجال الأمن السعودي في نقاط التفتيش لعدم تنفيذ الإجراءات الأمنية على النساء كما تطبق على الرجال على خلفية اعتبارات اجتماعية، وبالتالي الدخول إلى مخيمات الإيواء التي أقامتها السلطات السعودية باعتبارهم نازحين يبحثون عن الأمان وتشكيل خلايا إرهابية لخدمة قوى إقليمية تحاول تهميش السعودية بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي والأمني.

ثانياً: السلوك العدائي الضمني:

وأقصد به مجموعة الأعمال التي يمارسها بعض أبناء الطائفة الشيعية داخل السعودية وخارجها بتوجيه من النظام الحاكم في إيران؛ لثني السعودية عن المضي في تفعيل توجهاتها المختلفة وهي حدثت داخل السعودية وخارجها. ومن الأمثلة:

- في أكتوبر لعام2011م تعرض الأستاذ عادل الجبير السفير السعودي لدى الولايات المتحدة لمحاولة اغتيال على يد قتلة من مافيا مخدرات مكسيكية بإشراف المدعو منصور أرباسيار أمريكي من أصل إيراني المدعوم من الجيش الإيراني.

- حدوث انفجار في محطة نقل بمدينة فولغوغراد الروسية في 26محرم لعام 1435هـ وذهب ضحيته عدد من الركاب؛ بهدف هز ثقة منظمي دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير 2014م في مدينة سوتشي بأن روسيا غير آمنة. وقد تبين بأن الاستخبارات الإيرانية (السافاك) والإسرائيلية (الموساد) لها يد في هذا التفجير بقصد جعل السعودية في مواجهة مع روسيا.

- مطالبة الرئيس الإيراني الأسبق رفسنجاني خادم الحرمين الشريفين بإيقاف القتل في المعمم الشيعي نمر النمر كما جاء في صحيفة المرصد غرة محرم 1436هـ - 25 أكتوبر 2014م.

وأخيراً فإن إيران لن تتوقف عن محاولاتها الرامية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة مرة بإثارة أعمال الشغب على أراضيها وعلى يد أبناء الطائفة الشيعية، ومرة بسحب حلفائها والتأثير عليهم بوعود شكلية. كما أنها لن تتوقف عن ممارسة ألوان من الضغط النفسي على الآمنين. على أن تحركاتها انتهت بالفشل الذريع والنهائية المخجلة أمام صمود سلطات الأمن السعودي وصلابة المواطنين الغيورين.

حقاً السعودية كابوس على من يحسدها على مقومات الحياة فيها وعلى من يتطاول عليها، حفظها الله من كيد الكائدين وأوقعهم في شرور أعمالها وفضحها أمام أنفسهم والعالم أجمع. وعزاؤنا أن الله تعالى قد قال في من على شاكلتهم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30 سورة الأنفال)، وقوله تعالى {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (64 سورة المائدة).

malnooh@ksu.edu.sa

كلية التربية - جامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب