01-11-2014

خلاخل والبلاء من داخل

هذا مثل شعبي قديم كان متداولاً عند أهل بعض مناطق المملكة، والخلخال حلية كانت تلبسها النساء قديماً تحيط بساقي المرأة، وكانت بعض المراهقات إذا مرّت ببعض الصبايا في الطريق تضرب بأرجلها لتُشْعرهن بما عليها من زينة الخلخال المصنوع من المعادن الثمينة في الغالب، وأحياناً تُوَاجَه مع هذه الحركة بتعليقات بعض الغيورات أو التي لا تملك خلخالاً بالمثل أعلاه، ومعناه أن الخلخال جميل لكنه لا يصنع جمالاً لبقية مواطن الجمال عندك أيتها الفتاة المستعرضة به، هذا يذكرني ببعض أوضاعنا مع عصابات المتسللين والمخالفين، فمع كل القرارات والعقوبات بشأن العمالة المخالفة والمتسللة ومن يشغلهم ومن ينقلهم ويهربهم بين المدن، وإطلاق التحذيرات المتتالية بهذا الشأن، تكون النتيجة زيادة في التهريب والمخالفات، وتهوّر العمالة وسباقها نحو السرقات والغش والتدليس والممنوعات في سبيل الكسب غير المشروع بأسرع وقت وأكثر قيمة دون خوف من العواقب، بل ربما أن هذه المفردة (العواقب) لا تعنيهم ولم تُدوّن في قاموسهم الإجرامي، كيف يخافون وهم يجدون من أبناء البلد من يُعينهم ويفتح لهم منافذ وثغرات للتهريب والعمل غير المشروع بالتستر وبنقلهم بمقابل مادي، في نظري أن الأمن العام ـ مع التقدير لكل الجهود المبذولة والنتائج المتحققة ـ عليه أن يخفض منسوب اللطف والرحمة مع خونة الوطن والمواطن، وأن تتوفر القناعة بأن هؤلاء لا يفهمون لغة البيانات والتحذيرات بل ربما إنهم لم يسمعوا بها أو لا يريدون ذلك بدليل إمعانهم بالإجرام وتحدي كل الأنظمة والقوانين، بعد أن نسفوا كلمة الوطن وحرمته وإعزازه خلف ظهورهم غير عابئين بكل القيم الدينية والحضارية، وسفّهوا كل معاني المروءة والحمية للأهل والديار ومقدرات الوطن، وباعوا كل هذه الاعتبارات بقليل من المال وكأن الأوطان رخيصة بهذا القدر، ويمكن تعويضها بدراهم من متسلل أو مخالف أو مجرم قادم بتأشيرة عامل، إذاً فالبلاء يأتي أكثره من الداخل من المتهاون بقيم بلده وبأمنه وطمأنينة ساكنيه، فهو (متخلف بالوعي) يُعين مخالفاً ومتسللاً لا يريد ببلادنا خيراً، جريمة الإخلال بأمن الوطن وتفكيك ترابطه وتلاحمه، واستغلال جرائم العابثين للكسب غير المشروع على حساب الوطن هي جرائم أكبر من أن تترك لقرارات لطيفة رحيمة تشجع الوقحين والانتهازيين على التمادي واستغلال التراخي في تطبيق الأنظمة الرادعة، آمل أن لا يركز المسؤول على نَصّ المثليترك الغاية منه، فالأمثال لغة الشعوب ونبض واقعها ولا تُعامل بالنص المنطوق بقدر التعامل مع المضمون الداعي للتأمل واسترجاع الأفكار ومعالجة ما تُمْكن معالجته، كان المهربون للمتسللين يهربونهم بالواحد أو الاثنين والخوف يهز قلوبهم، أما الآن فالأخبار تشير إلى التهريب (بالكوم)، وعصابات السرقات بطبيعة الحال تزداد كغيرها من أرباب الإجرام والفساد، وهل نظن أنهم قد تسللوا للتبرك ببلاد المقدسات؟! لن أضرب لكم أمثلة لتهريب المتسللين بالجملة وسرقات غير المبالين ممن يعرضون مسروقاتهم علناً في محلات باتت تعرف (لدى العمالة) بأسواق المسروقات، ومن يستغلون العاملات المنزليات الهاربات كتجارة مربحة، وأضحوكة تهريب لحوم الأضاحي والهدي من المشاعر بالمئات لبيعها كلحوم بالمطاعم وأكثرها تالف، والقضايا كثيرة والمهم الإحاطة بها فأجهزتنا الأمنية أهل لذلك.

@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب