02-11-2014

الهدر الغذائي إلى متى ؟!

اندهشت مما ذكرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «FAO» في تقريرها الأخير، بأنّ ثلث المواد الغذائية المنتجة للاستهلاك البشري تهدر سنوياً! بما يعادل 1.3 مليار طن، والبالغة تكاليفها نحو 750مليار دولار سنوياً! وهو ما يكفي لسد جوع ما يقارب مليارين من البشر. وتذكّرت حديث مسن لابنه: يا بني حَدثنا آباؤنا عن الجوع والطوى، وأخشى أن نحدثكم عن الشبع والتخمة! وهو ما يثير الخوف والفزع، فالنعمة متحوّلة ومتغيّرة وزائلة!

والعجيب أنّ الهدر الاستهلاكي للغذاء يبلغ في أوروبا وأمريكا نحو 100 كيلوغرام للفرد سنوياً، وفي إفريقيا يقدر بأقل من عشرة كيلوغرامات سنوياً. أما متوسط ما يهدره الفرد العربي من الغذاء سنوياً فيقدر بـ250 كيلوغراماً! وهذا الفاقد مرتبط بسلوك المستهلكين وبعادات غذائية خاطئة وثقافة جوفاء، مثل الكرم الزائد عند إقامة الولائم واستقبال الضيوف والشره الاستهلاكي.

والحق أنّ المستهلك العربي والخليجي على وجه الخصوص، يفتقد لأدنى درجات الوعي أثناء التسوُّق، فهو لا يلتفت قط لأهمية التأكد من حاجته الفعلية للشراء، وعدم تخزين السلع السريعة التلف، ويجهل أنّ الهدر في أي كمية في الغذاء هو استهلاك جائر لتلك الأغذية كما أنه استنزاف لدخل الأسرة.

والهدر لا يتحمله المستهلك العادي، بل يشاركه المورد والتاجر الذي ينبغي عليه رفع كفاءة التنسيق بينه وبين تجار التجزئة في المراحل المختلفة لإنتاج وتسويق الغذاء، وضرورة مراجعة الخطط المتعلقة بتداول الغذاء وتخزينه وتسويقه واستهلاكه، وزيادة وعي المجموعات الاستهلاكية من الشركات والأفراد ومتعهدي الإعاشة، وأهمية غرس الوعي لكل القائمين والعاملين في مجال تداول الغذاء وتدريبهم على ذلك، والاستفادة من فاقد الغذاء وبقايا الأطعمة المهدرة والصالحة للأكل بتغليفها ومنحها للمحتاجين.

تقول دانا غاندرز الخبيرة في معهد الدفاع عن الموارد الطبيعية وهو معهد أميركي لحماية البيئة: (يجب علينا سد الفجوة بين إدراك الأشخاص لهذه المشكلة وما يفعلونه حينما يكونون في البقالة أو المطبخ).

إنّ العادات الشرائية لدينا خاطئة طالما نشتري الخضروات والفواكه بكميات هائلة، حيث يكون الصندوق والسطل والكرتون هي مقاييس الوزن بدلاً من الأطباق الصغيرة أو الوزن بالكيلو، كما أنّ من الآفات الجديدة العبوات الاقتصادية التي يُستخدم جزء منها ويتم التخلص من الباقي.

ولعل أدق مقياس على الهدر الغذائي هو براميل النفايات التي تنوء بالأطعمة الصالحة للأكل! وهو أمر جدير بالمراجعة والتأمل.

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب