النهضة في مفترق طرق أمام خيارات أحلاها مر

المرشحون التونسيون المستقلون يكتسحون المشهد السياسي

تونس - فرح التومي:

يتواصل التشويق على أشده في المكاتب المغلقة لحركة النهضة التي طالت مشاوراتها الداخلية بخصوص المرشح للانتخابات الرئاسية الذي تنوي مساندته في مواجهة مفترضة للباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس، والذي يؤكد المراقبون للشأن المحلي بأن له أوفر الحظوظ للفوز بالرئاسية بعد ان حصد حزبه المركز الأول في التشريعية.

ولمزيد إطالة اللعب بأعصاب الطبقة السياسية برمتها والمترشحين بصفة أخص، أفاد نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي بأن زعيم الحركة راشد الغنوشي التقى إلى حد الآن بكل من رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي، والامين العام للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي، والمترشح المستقل حمودة بن سلامة، ورئيس الجمهورية الحالي محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر، وزعيم تيار المحبة الهاشمي الحامدي والمرشح المستقل عبد الرزاق الكيلاني، في انتظار لقاء بقية الاطراف المترشحة للرئاسية.

وأوضح الجلاصي، بأن هذه اللقاءات، التي تتم سواء بطلب من رئيس الحركة راشد الغنوشي أو بطلب من المترشحين للرئاسة، تندرج في إطار معرفة البرامج التي اعدها المترشحون في المرحلة القادمة وإمكانيات الاتفاق معها، وكذلك في إطار مساعدة الحركة على توضيح موقفها وتحديد المرشح الذي ستدعمه.

وعلق المتتبعون لمجريات الإنتخابات الرئاسية بان هذه اللقاءات العلنية تندرج في إطار سعي الشيخ الغنوشي الى تكوين فكرة شاملة عن استعداد كل اسم من الأسماء التي التقاها من المتراهنين على الرئاسية لتشكيل جدار صد في وجه نداء تونس وبالتالي خلق توازن في المشهد السياسي على مستوى السلطات الثلاث.

ويعتقد المراقبون بأن حركة النهضة المعروفة بمناوراتها السياسية المتشعبة، والتي يصرح قياديوها بان النية تتجه الى دعم المرزوقي في السباق نحو قرطاج، ستغير في الربع ساعة الأخير من اختياراتها وستتولى اصدار التعليمات لأنصارها للتصويت لفائدة نجيب الشابي عن الحزب الجمهوري أو سليم الرياحي عن الإتحاد الوطني الحر، وكلاهما سبق وأن أبديا استعدادا كاملا للعمل اليد في اليد مع النهضة في مواجهة السبسي وحزبه.

ويرى بعض المحللين السياسيين أن «النهضة كانت بغموضها وضبابيتها وفية لأسلوبها وتكتيكها المعهود الذي قلبت بواسطته الطاولة على خصومها السياسيين في أكثر من معركة سياسية آخرها اختيار رئيس حكومة التكنوقراط في الحوار الوطني، فيما يعتقد البعض الأخر ان الحركة أمام خيارين أحلاهما مر اما مساندة المنصف المرزوقي في مجازفة غير مضمونة العواقب وما قد ينجر عنها من خسائر سيا سية أو دعم الباجي قائد السبسي مقابل مكاسب في الحكومة المقبلة وما قد يسببه من انشقاقات بعض قيادييها وغضب قواعدها في سيناريو قد يربك الحركة ويساهم في تصدعها وتفتتها». الا أن بعض الملاحظين لا يستبعدون فرضية مساندة النهضة للسبسي «إضطرارا» في حال مروره الى الدور الثاني من الرئاسية وفشل المرزوقي في مرافقته.

وتأتي تصريحات القيادية الشرسة في نداء تونس بشرى بلحاج حميدة لتفند الأخبار المسربة عن اجتماع السبسي بالغنوشي، حيث أكدت أن» النداء بني منذ تأسيسه على الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية لا على التشفي والانتقام والتغول كما يروج له بعض الفاشلين في الانتخابات لان مشروعنا الوحيد هو استقرار تونس والنهوض بمؤسساتها» .وشددت على ان نداء تونس لم يطلب من حركة النهضة مساندة السبسي ولم يتفاوض معها كليا لا من قريب ولا من بعيد حول تركيبة الحكومة التي يبقى النظر فيها مؤجلا الى ما بعد الانتخابات الرئاسية.

وفي خضم التصريحات النهضوية والندائية المتباينة، عبر بعض المحايدين أن « في هذا الاختبار الصعب الذي تمر به النهضة تبدو حنكة ودهاء راشد الغنوشي في الميزان وهو الذي طالما هندس للحركة في محنها وأصعب مواقفها وان تعود على التكتيك وقلب موازين القوى لصالح الحركة امام خصومه في الأوقات الحاسمة، فان مهمته هذه المرة تبدو صعبة لتعقد المعطيات لان بانتظاره سيناريوهين لا ثالث لهما اما نجاح تكتيكه والخروج بالانتصار أو على الأقل بأخف الأضرار واما ستكون الحركة في موقف صعب، الأصعب منه التكهن بتبعاته وتداعياته على مستقبل الحركة في المشهد السياسي».

موضوعات أخرى