«الجوف والشمالية».. التصنيف الأفضل والقصور في العلاج

يعاني أهالي منطقتي الجوف والحدود الشمالية من ضعف الخدمات الصحية، ونجدهم ينقلون مرضاهم إلى منطقة الرياض للمستشفيات التخصصية بأنواعها، بل إن بعضهم يبحث عن مساعدة لنقل مرضاهم لمنطقة حائل التي هي منقوصة الخدمات أيضًا.

الغريب أنه بمجرد النظر لتقارير وزارة الصحة، وبالتحديد بالنظر إلى المؤشرات الرئيسة للخدمات الصحية (عدد المستشفيات، عدد الأسرة في المستشفيات، عدد الأطباء، عدد المراكز الصحية)، تجد أن منطقة الجوف والمنطقة الشمالية أفضل من المناطق الرئيسة بأكثر من الضعف، بل من أفضل المناطق بالمملكة; وطبعًا هذا غريب ولا يمكن أن يعكس الواقع وإلا رأينا الهجرة العلاجية بالعكس فأيضًا أهل المناطق الرئيسة يعانون من الخدمات الصحية.

المشكلة أن هذه المؤشرات اللامعة ستؤثر سلبًا على التخطيط المستقبلي لتلك المناطق، فالتخطيط يعتمد على احصائيات التقارير الرسمية.

فبالنظر للمؤشرات الرئيسة، نجد معدل المستشفيات في وزارة الصحة في المملكة (لكل مئة ألف) نسمة 0.89 مستشفى، وفي منطقة الرياض المعدل 0.63 مستشفى وفي منطقة مكة المكرمة 0.50 وفي المنطقة الشرقية 0.72; بينما المعدل في منطقة الحدود الشمالية 2.04 مستشفى وفي منطقة الجوف 2.33 مستشفى، وبذلك يتضح أن منطقتي (الحدود الشمالية والجوف) بأفضل حال من الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية بثلاث أو أربع مرات. عندما تقرأ هذا تتوهم أن المنطقتين تنعمان بخدمات صحية متكاملة.

أما معدل عدد الأسرة في المستشفيات في وزارة الصحة في المملكة (لكل عشرة آلاف) نسمة 12 سريرًا، فلو نظرنا إلى منطقة الرياض نجد المعدل 10 وفي منطقة مكة المكرمة 9 وفي المنطقة الشرقية 12; بينما المعدل في منطقة الحدود الشمالية 27 سريرًا وفي منطقة الجوف 29 سريرًا، وبذلك يتضح أن منطقتي (الحدود الشمالية والجوف) بأفضل حالاً من الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية بمرتين أو ثلاث مرات. عندما تقرأ هذا تظن أن المنطقتين تنعمان بخدمات صحية متكاملة.

وليس حال المراكز الصحية بأفضل مما سبق ذكره، فعدد المراكز (لكل مئة ألف نسمة) في المملكة 7.74 مركز صحي، ففي الرياض 5.95 مركز وفي مكة المكرمة 4.74 مركز وفي المنطقة الشرقية 5.62 مركز; أما منطقة الحدود الشمالية 13.14 مركز وفي منطقة الجوف 11.04، أي تقريبًا مرتين أفضل من الثلاث مناطق الكبيرة. عندما تقرأ هذا تظن أن هاتين المنطقتين تنعمان بخدمات صحية متكاملة.

أما بالنسبة لمعدل عدد الأطباء في مرافق وزارة الصحة (لكل عشرة آلاف نسمة)، فالمعدل في المملكة 12.28 طبيب، وفي الرياض 9.19 وفي مكة المكرمة 9.75 وفي المنطقة الشرقية 12.33; أما المعدل في منطقة الحدود الشمالية 26.07 طبيب لكل عشرة آلاف نسمة وفي منطقة الجوف فالمعدل 24.37 طبيب. أي أن عدد الأطباء في منطقتي الشمالية والجوف ضعف عدد الأطباء في المناطق الثلاث لكل عشرة آلاف نسمة. عندما تقرأ هذا تظن أن تلك المنطقتين ينعمان بخدمات صحية متكاملة.

وعند التعمق في تفاصيل الإحصائيات (كما مبين في الرسم البياني)، نجد أن عدد الأسرة الموفرة لبعض الأقسام المهمة (الباطنية، الجراحة، العناية المركزة، الأطفال، والنساء والولادة) في مستشفيات منطقة الجوف 13.7 سرير لكل عشرة آلاف نسمة، وفي المنطقة الشمالية 14.4 سرير. وعند مقارنتها في مناطق الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، نجد العدد أقل بكثير (6.3، 4.6، 6.0) بالترتيب. وكذلك لو نظرنا لهم بالتفريق، أي كل قسم على حدة. عندما تقرأ هذا تتوهم أن تلك المنطقتين ينعمان بخدمات صحية متكاملة.

أما في القطاع الخاص، فيوجد في المملكة 137 مستشفى خاصا تشمل 14 ألف سرير وهذه المستشفيات موزعة على جميع مناطق المملكة ما عدا المنطقة الشمالية ومنطقة الجوف. أما بالنسبة للمستوصفات والمجمعات الطبية الصغيرة فيوجد في المملكة 2168 مجمعا ونصيب منطقتي الشمالية والجوف فقط 47. عندما تقرأ هذا تتيقن أن تلك المنطقتين ينزفان ألمًا.

أتمنى من وزارة الصحة ومن الجهات المعنية في تلك المنطقتين وأيضًا المناطق الجنوبية من المملكة متابعة التقارير والتأكد من صحتها والتأكد من عدم تأثيرها سلبيًا المشروعات المستقبلية للمناطق.

- م. برجس حمود البرجس

@barjasbh

موضوعات أخرى