10-11-2014

الجريمة الإرهابية في الأحساء: فشل ذريع للخوارج!

من أبرز الخطوات التي اعتمدتها الاستخبارات الدولية لتفتيت منطقة الشرق الأوسط وإعادة رسم خرائطها وتقسيمها إلى دويلات إشعال وقود الفتن الطائفية في كل دولة؛ كما هو يحدث الآن في الدول التي يلتهمها حريق الخريف العربي ويأكل الأخضر واليابس ويفني البشر والحجر والشجر؛ كسوريا والعراق واليمن وليبيا، وهي دول لا زالت في مستنقع الدم، أما مصر وتونس فقد تعلقتا بحبل النجاة وندعو الله أن يوفقهما لاستكمال مسيرة الخلاص من فتنة الثورات.

إن شرارة البدء لهدم تلك الدول هدما لا يرجى بعده إعادة بناء في الأمد القريب انطلقت من دعاوى الإصلاح والبحث عن حلول لأزمات اقتصادية، أو البحث عن عدالة اجتماعية؛ لكنها سرعان ما انقلبت فجأة إلى ما خطط له؛ وهو الدخول في حالة حرب دموية نازفة بين التيارات والجماعات الدينية والطائفية؛ كالصراع بين المسلمين والمسيحيين في مصر ثم بين الجماعات الدينية داخل الجسد الإسلامي نفسه؛ كما حدث بين الإخوان والسلفيين، وبينهم وبين الجماعات الليبرالية، وكما في سوريا حيث لا يعلم إلى هذه اللحظة كم هو العدد الدقيق للجماعات المتصارعة، ولا ما هي مسمياتها أو انتماءاتها، فقد تكاثرت بحيث أصبحت المدينة الواحدة تتقاسمها جماعات تهيمن على أحيائها وأريافها المحيطة، فالسني يقاتل العلوي، والسني ينقسم على نفسه إلى مائة جماعة كل جماعة تكفر الأخرى وتنفيها من رحمة الله؛ بين جماعة خلافة، أو نصرة، أو مجاهدين، أو أحرار، أو جبهة إسلامية، أو لواء حق، أو جيش حر، وهكذا، أما في العراق فليس الأمر فيه بأقل سوءا من سوريا؛ فهو أيضا يحتضن عشرات الطوائف والجماعات، ولكن شراسة الصراع تكاد تتركز بين السنة بأطيافها المتعددة والشيعة.

هكذا تم تفعيل آفة «الطائفية» لتكون منطلق هدم ما هو قائم من دول وكيانات سياسية وإحالتها إلى الفناء؛ لاستبدالها بتكوينات جديدة؛ كما تزعم رايس وفق نظريتها الباطلة «الفوضى الخلاقة».

وقد استهدف التنظيم الإرهابي التكفيري الذي هو أحد إفرازات هذا المخطط الاستعماري اللئيم نقل الفوضى إلى بلادنا عن طريق خلق حالة من الصراع الطائفي بين السنة والشيعة كما حدث قبل أيام بما ارتكبه من إجرام بشع في حق أبناء قرية الدالوة بالأحساء؛ حيث استهدف الآمنين بإطلاق رصاص عشوائي على من كانوا في الحسينية، وقتل على الفور خمسة أبرياء ثم لحقهم اثنان وأصيب ما يقرب من عشرة آخرين.

ولن يجد التنظيم الخوارجي سبيلا يمكن أن يوقد به فتيل الفوضى في بلادنا غير إثارة التوتر الطائفي بين السنة والشيعة، أو التدبير لعمليات انتقامية متبادلة ينفذها متطرفون من الطائفتين من باب الرد على الإرهاب بإرهاب مثله، وهنا يبدأ مسلسل دموي لا نهاية له، ويقود إلى إراقة الدماء البريئة المعصومة وإلى الخراب وتعطيل الحياة والدخول في مستنقع الدم الآسن، وقد اتبع خوارج هذا العصر ما اقترفه آباؤهم الخوارج قبل ألف وأربعمائة سنة تقريبا؛ حين بدؤوا بشق صفوف المسلمين والدخول في دوامة تقسيم المجتمع الإسلامي الأول إلى أحزاب وطوائف.

ولكن جريمة الخوارج التي ارتكبوها في الأحساء ارتدت إلى نحورهم؛ وفشل التنظيم الإرهابي في كسب أية ثمرة كان يتوخاها من ورائها في الساعات الأولى القليلة التي تلت الجريمة؛ فقد تعقب الأمن السعودي خطى المجرمين فأسقطهم قبل أن تنقضي ليلتهم السوداء تلك، ثم لاحقهم في جحورهم حيث تتبع الخيوط الخفية التي قادت إلى أوكارهم، ثم هب الشعب السعودي كله مستنكرا هذه الجريمة عبر وسائط التواصل الاجتماعي ومعلنا إصراره على وحدته الوطنية وحرصه على تماسك نسيجه الوطني.

كانت جريمة الأحساء جس نبض للدولة وللمجتمع؛ وكانت النتيجة : صفراً للخوارج و 100% للدولة وللشعب السعودي.

إن هذا التنظيم الإرهابي المتخلف لا ينجح إلا في دول ضعيفة مرتبكة مفككة.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب