10-11-2014

هلْ يكفي الاعتِذار.. أم يصحبه تصحيح الخطأ؟

الخطأ بالتأكيد هو سمةٌ من سمات البشر، من مِنّا لا يُخطئ في تعامله مع الآخرين، مجرّد التعامل مع الناس يقع الخطأ، والخطأ غير المُتعمَّد. الموظف الذي لا يُخطئ هو موظف لا يعمل.

الإنسان الذي لا يُخطئ هو الإنسان الذي يتعامل مع الأجهزة والمعدات وما يُعرف بـ Zero Defects.. والأخطاء لها أنواع وفروع، وليس من العيبِ أن يُخطئ الإنسان، ولكن العيب والخطأ الأكبر هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ، وهذا ما يُسمى الخطأ المتعمَّد الذي يضر الآخرين وبدرجات.

ماذا يستوجب على الإنسان المخطئ؟.. الاعتذار.. والاعتذار هو فعل نبيل وكريم، وهو من صفات الكرام، والنفوس الطيّبة التي جُبلت على حُب الخير، وتأخير الاعتذار يزيد الهوة بين الناس ويغلِّف القلوب بحجاب يزداد سُمكه بالوقت ويفتح الباب للقال والقيل وتدخُّل الآخرين الذين قد يزيدون الهوة اتساعاً.. ويزيد من جرح المشاعر، ويقلل من الاحترام.

يُخطئ من يعتقد أنّ الاعتذار ضعف، فالاعتذار قوة وثقافة وحب لإبقاء العلاقة قائمة، وأحياناً كثيرة يعتذر الإنسان بمجرد شعوره بأنه أخطأ، وهذه قمة الإنسانية والصدق التواضع.. ترى ماذا يستوجب على المخطئ؟.. المُعتذر الصادق هو الذي يشعر بالندم على ما تسبب في إلحاق الأذى للآخر.

لنْ أكتب في اعتذار الدول فهذا شأن سياسي، أكدت دراسة مصرية أن 80% من الرجال لا يعترفون بخطئهم ولا يقدمون الاعتذار، وهذا من باب الأنانية والكبرياء وخوفاً من فقْدِ الهيبة..

أين هذا من الثقافة الإسلامية التي نعتز بها.. ولماذا يصر البعض على عدم الاعتذار ويقول: (ما أعتذر).. أليس هذا نقصاناً وعدم إدراك وتخبطاً، أنت أخطأت وعليك الاعتذار..

لماذا لا يعتذر المعلم للطالب، والرئيس للمرؤوس، والطبيب للمريض، والأم لبنتها، والزوج لزوجته، والصديق لصديقة، والموظف للمراجع، والكبير للصغير، والمخطئ إلى المُخطأ عليه..

بحيرات أوروبا في فصل الشتاء تتجمّد ومعها تتجمّد الحياة، وحين تشرق شمس الصيف تبدأ البحيرات بالتحول والعودة إلى الوضع الطبيعي.

اجعل شمس حياتك أيها الإنسان دائمة الإشراق واعتذر حين يتوجب الاعتذار، وحين تعتقد أنك أخطأت في حق إنسان. في المقابل هناك أخطاء كبيرة تقع بين الناس، فالاعتذار يزيل الوضع المتجمد لكنه لا يصل إلى داخل الإنسان، داخل العواطف والمشاعر فما عليك سوى تصحيح الخطأ والندم والاعتذار مرات كثيرة، أجل مرات كثيرة فالحياة تستحق أن نعيشها، ونحن في راحة البال والضمير.

اعتذر لطفلك، وازرع في داخله ثقافة الاعتذار التي يفتقدها للأسف الكثير من الناس.. وعلّمه كيف يقدمون الاعتذار عن أخطائهم بأنفسهم، وعلينا أن نريهم بأنفسنا كيف نعتذر منهم أو من غيرهم عن أخطائنا.. إنه التسامح والاعتذار..

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-‏:‏ ‏»‏كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ‏»‏‏..‏ على الجميع، زرع ثقافة الاعتذار.

اقتبس: (لا تلعب بمشاعر الآخرين لأنك قد تربح اللعبة، لكن الخطر أن تخسر هذا الشخص مدى الحياة)..

«وليم شكسبير».

أخيراً، يفتقد مجتمعنا ثقافة الاعتذار وشجاعة الاعتذار.. والإساءة للآخرين وعدم الاعتذار طريق نهايته صحراء قاحلة فحوِّلها إلى أرض خضراء.. للاعتذار فن القليل من الناس من يتقنه، فهل تتقنه حين تقع بالخطأ.. للأسف هناك من تأخذه العزة بالإثم فيكابر ويعاند ولا يعتذر، والنتيجة اتساع الفجوة مع المُخطأ عليه.. ومن فنون الاعتذار الهدية الرمزية والكلمة الطيبة والرسالة المعبرة.

sureothman@hotmail.com

www.o-abaalkhail.com

مقالات أخرى للكاتب