20-10-2014

احترام الإنسان أمْ السيارة التي يقودها

كرَّم الله عز وجل الإنسان تكريمًا عظيمًا، وفضَّله على سائر خلقه بأن اختصَّه بما لم يختص به أحدًا منهم.. فقد نفخ فيه- سبحانه من روحه ، كذلك كرّمه بالعقل والإدراك والفهم. قال تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. فالإنسان مُكرم حيث كان وحيثُ كان بغض النظر عن لونه وشكله ولغته، فالتكريم ليس بالمال أو الشهرة أو الانتماء. ما الذي يميز الإنسان عن الإنسان الآخر ، هل السيارة الفارهة ونوعها وسعرها تميزه أم ما يقدم لوطنه وأسرته ومجتمعه الصغير. للأسف حب والتميز عن الآخرين بنوعيه السيارة أخذت أبعاداً في المجتمع الخليجي والمجتمع السعودي على وجه الخصوص. لمْ يعد الإنسان هو محور الاحترام أصبحت السيارة محور الاحترام ، الناس يحترمون السيارة الفارهة وهم لا يعرفون من يقودها.

الإنسان المتباهي يدفع ثمن هذا التباهي مادياً واجتماعيا ، فإذا كان يملك المال فإنه أنفقه وأسرف في الإنفاق وإن كان إنسانا متوسط الدخل واستدان فحمّل نفسه الديون من أجل ماذا ؟ من أجل التباهي ونظرة الآخرين الفوقية . حدثني زميل يقود سيارة فارهة قرر زيارة أحد أصدقائه في أحد البنوك وحين اقترب من بوابة موقف السيارات فتحت للسيارة الأبواب المخصصة لموظفي البنك . وفي ذروة ازدحام السيارات والمعابر المغلقة من طرق الخدمة وحين اقترب من المعبر المغلق للشارع الرئيس فتح له وأغلق في وجه الاخرين . وهذا مبدأ احترام السيارة أولا وليس الإنسان .

بعض الفتيات حين يتقدّم لهن عريس السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يركب ؟ وماهي نوع سيارته؟ وعلى ضوء ذلك تُقرر . أليس هذا غريباً في مجتمعنا الذي بدأ ينظر للماديات والابتعاد عن أسس اختيار الزوج قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). لكن ما معني فارهة فارِه: مُتجبِّر ، مغرور وفرِح بقوَّته {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}.

لستُ ضد السيارة الفارهة لمن يملك المال ، لكنني ضد نظرة المجتمع للسيارة الفارهة وليس لمن يقودها ، وهل نقيم الإنسان بما يركب أم نقيمه بما يقدم للوطن وما يملك من العلم والمعرفة. نشرت صحيفة الدايلي ميل تعليقات لسكان لندن تشتكي من ظاهرة السيارات الفارهة حيث إن امتلاء العاصمة بالسيارات الفارهة أدى لانتشار ظاهرة القيادة الفوضوية والتي لا تلتزم بالقوانين، مشيرة إلى أن هذه السيارات تعود لأثرياء من الخليج يتسابقون فيما بينهم لاستعراض أفخم وأفخر أنواع السيارات . أين الإنسان الخليجي هل هذا خير مثال للإنسان الخليجي بالتأكيد لا ، هذا مثال للإنسان المترف الذي يفتخر بسيارة وليس بنفسه.

للأسف شركات الاتصال تقوم بين الحين والآخر بالدعوة لمزاد الأرقام المميزة . وترسيخ مبدأ التباهي، أتساءل ماذا يعني رقم مميز؟ أو لوحة سيارة مميزة؟ هل الرقم المميز يعني الإنسان مميز وبحسب درجات التميز الأولى للأرقام الماسية، والثانية للأرقام الذهبية، والثالثة للأرقام الفضية. هل نحتاج إلى تفسير علمي ونفسي لظاهرة التميز الوهمي العبثي .

أخيراً احترام الإنسان لذاته يكمن في عدة أشياء منها احترامه لقيمة ومبادئه وذاته وليس بما يركب وما سيمع من مدح وثناء لسيارته. أين الإنسان؟ الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة وليست السيارة طريق النجاح. أقتبس: لا تكن شمعة تحلق حولها الفراشات الطائشة دون أن يستفيد من نورك من هم بحاجة إلى النور.

sureothman@hotmail.com

www.o-abaalkhail.com

مقالات أخرى للكاتب