16-10-2014

تمْ و أبشر و جاك كلِمات هلْ نعنِيها

الكلمة أو الكلمات التي تخرج من الأفواه والوعود التي تُلقى دون إدراك ومعرفة النتائج، دائماً تُحرج الإنسان وتدخله في مأزق حرج مع الآخرين. الكلمة التي تخرج لا يمكن أن تعود وتبقى طول الزمن وإن طال. غالبية طبقات ومكوّنات مجتمعنا تعشق ترديد الكلمات التي توحي بتحقيق الوعود. هل تفي بتلك الوعود أم إننا نتحرّج حين قطع الوعد. هناك من يخسر إنساناً ربما لن تعوّضه الحيـاة حين نكرر الوعود ولا نفي بها. وعد اللسان، سيف قاطع إذا لمْ تفِ أصبحت إنساناً منافقاً.

الكثير في مجتمعنا من يضرب على صدره ويقول: تمْ أو أبشر، دون أن يفكر هل يستطيع أنْ يحقق الطلب أو لا يستطيع، ليس عيباً أنْ تقول: لا أستطيع. الغالبية من لا يعني كلمة تمْ فهي جزء من تفاصيل حياته وفي رأيه عيب أن لا يقول: تمْ. هناك منْ يحرجك ويقول: قلْ تمْ. واقعة حضرت تفاصيلها.. إنسان مصاب بداء السكري حفظنا الله، وهو ملتزم بوجبات معيّنة وكميات معيّنه دعي لتناول عشاء، فجأة قال أحدهم: اطلبك طلب. رد عليه: جاك. فطلب منه تناول قطعة كيك. أكلها. تعلمون ماذا حدث بعد ساعتين.

كلمات لسنا نعنيها، تجبرنا على تنفيذها والوفاء بالوعود. كلمات لا تمت للرجولة ولا للأنوثة إنها ثقافة مجتمع خاطئة ومورثه،كلمات علينا أن نفكر بنتائجها وأين تأخذنا. من ناحية أخرى أشد على يد من يستطيع أن ينفذ ما وعد حين يقول: تمْ و أبشر. الفزعة وعمل المعروف تحول كفلاء الغرم إلى المحاكم والقضايا وتوجد فجوات بين الناس. وسببها كلمة: أبشر أنا أكفلك. المواقف النبيلة للناس النبلاء الذين يُقدِرون ويعرفون الفزعة.

ما أسهل قولة أبشر، وما أصعب تنفيذها في حالات كثيرة، طريقها وعر غير ممهد وفي نهايته هاوية سحيقة تبعدك عن محيطك الذي تعيش فيه. أبشر بعزك احذروا أن تقولوها حين لا يسمح الوضع المادي والإنساني والمعنوي. فالإنسان مواقف فلا تضيّع المواقف وتحسب عليك وليس لك. وكم من كلمةٍ قالت لصاحبها دعني، فالكلمة تنطلق من أفواهنا أحياناً تقتل، قد تقتل من قالها وتميت من حولها، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم لمعاذ ولنا «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم». ومن قال لا أدري فقد أفتى، هذه العبارة رسالة سامية لحفظ ماء الوجه والمحافظة على العلاقات الإنسانية دون خدش أو تجريح. أبشر وإخوتها ومن يدور في محيطها كلمات علينا تجنُّبها حين تكون ما في اليد حيله.

وعندما ينحرج الإنسان في موقف معيّن ويقول: تمْ أو أبشر ولم يفِ بوعده فهذا الإنسان يدخل في ظل مواعيد عرقوب، وعرقوب رجلٌ يعيش في المدينة المنورة منذ زمن بعيد وقصته مع التمر والفقير معروفة.

أخيراً كيف نعاقب أنفسنا ونقضي على راحتنا حين نلتزم بما هو فوق طاقتنا، أليس من الأجدر والأولى الاعتذار وعدم الغوص في البحر ونحن لا نعرف السباحة. تمْ و أبشر و جاك كلمات لها وجهان حسن وسيئ، وفي اغلب الأحيان الوجه السيئ هو الوجه المنتشر في مجتمعنا، ولكم أنْ تتأكدوا من ذلك بما يدور حولكم من تناقضات اجتماعية. أقتبس: المتفائل يقول: إنّ كأسي مملوءة إلى نصفها.. والمتشائم يقول: إنّ نصف كأسي فارغ. تفاءل فالحياة تستحق الحياة دون جلد الذات.

sureothman@hotmail.com

www.o-abaalkhail.com

مقالات أخرى للكاتب