14-11-2014

طريقك للفوز!

وصف أحد الكتَّاب الحياة بأنها أم المعارك!.. وهو وصف وجيه؛ فساحتها مليئة بالحروب والصراعات والمعارك، وحتى على مستوى الأفراد فلا تخلو حياة من خصام!.. ولا يكاد يومٌ ينتهي دون لقاء لأحمق أو نزق، حياة يعمرها بشر طبعهم العجلة وحب النفس، لذا من الطبيعي أن تتحول الكثير من جنباتها لحلبات مصارعة!.. والسؤال كيف لنا أن نتصرف حال انفلات الأعصاب وغليان المشاعر؟

أقول: إن العقل يظهر وقت الأزمة والبشر يتمايزون حال الشدائد، وإلا فكلنا عقلاء حكماء حلماء حال السعة!..

لولا المشقة لساد الناس كلهم

الجود يفقر والإقدام قتال

وما دمت تعمل وتنتج وتخالط الناس فلن تسلم من همز ولمز وكيد وسخرية واستفزاز واعتداء وظلم، وهو ما من شأنه أن يجعلك تتوتر وتغضب فمن البشر من يفجر في الخصومة ولا يتورع عن السبّ لا ترده عفة عن لعن ولا يردعه دين عن شتم, ضيق النفس هائج الفكر, ضعيف التحمُّل يثور على الشيء وعلى اللا شيء، مستفزاً مستنفراً على نحو مستمر!

وهذا الصنف يدخل في كل معركة بعزيمة ثور الحلبات فما أكثر ما تجحظ عيناه وتنتفخ أوداجه من الغضب!.. وما أدق تشبيه أحد الأدباء لتلك الشخصية عندما شبهها بالديك الأخرق الذي تهتز رقبته غيظاً لكل حدث تافه صغير يحدث في خمه الصغير!

يقول (جون وبستر): ليس في الطبيعة من شيء يستطيع أن يمسخ الإنسان ويحوّله لحيوان متوحش مثل سورة الغضب!.. ومن جعل من الغضب والثورة والهيجان عن الخصومة عادة له فهو بتلك المشاعر كما كتب عالم نفس شهير يكون كالمنتشي بنشوة الخمر!.. وسوف تحلق به تلك المشاعر السلبية الملتهبة عالياً ثم يسقط هذا الغاضب من سماء النشوة الخادعة سريعاً مروعاً كإفاقة المخمور على وجع الصداع!.. ناهيك عن ألم الإحباط ومرارة الإدمان!.. وإذا ما بردت حرارة الغضب ولهبات الانفعال وحرائق الغل ستدع متلبسها عارياً وحيداً!.. ولا يستخدم هذا أسلوب العنف والشدة وقسوة الفعل والقول إلا هش الداخل ضعيف المنجز فهو يتوخى فيه توكيد ذاته وإثبات وجوده واجتذاب للأنظار وهولاء الشريحة كبار لكنهم يستخدمون (أساليب الصغار) في حل مشاكلهم؛ فالصغير إذا جاع أو ناله وجع بسيط لا يملك إلا البكاء والصراخ والبعض تتطور ردة الفعل هذه معه فعندما يكبر يستبدل البكاء بالصراخ والعويل والعناد وربما الشتم!.. وهناك من البشر عاقل حصيف ذو لب رصين وقلب واع وفكر ناضج رحب الصدر خافض الجناح يتصرف باحترافية في تلك المواقف الملتهبة ودونك بعض تصرفات هؤلاء العقلاء!

1 - العاقل يتعامل مع تلك الخصومات باحترافية فهو يدرك أنها أمر لازم من لوازم الحياة وطبيعي فلا يضخم الأمور ولا يبالغ في ردة الفعل ولا يصنع بالوناً كبيراً من كل فقاعة صابون ولا يجعل من كل خدش طعنة نجلاء دامية بل يتعامل مع الموقف كأمر عابر لا أتوناً معنوياً ملتهباً.

2 - العاقل لا يهدر جهده ولا يضيع وقته ولا يستنزف طاقته في أي معركة؛ فهو ينتقي معاركه بعناية فائقة فلا يتطوع في المشاركة في حروب لا ناقة له ولا جمل، ولا يسمح أن يجنده أحد في معارك خاصة!.. ولا يستدرج إلى معركة حضوره لساحتها نصر لخصومه ولو هشم جماجمهم!.. ولا يحارب من ليس لديه شيء يخسره!.. فالبعض كصحيح الجسم سقيم العقل؛ أرعن يتصرف كالمجنون لذلك قد تأتي ضرباته في مقتل!

3 - العاقل مهما كره فلا تراه يجاهر بالعداوة ولا يصرح بالكراهية لأنه يدرك أن الليالي قلب والأيام دول؛ فلا يقدم على حرق الجسور ولا قطع حبال الود، بل يجعل خط عودة فربما تستجد أشياء إذا هدأت النفوس!

4 - العاقل لا يتصرف بنزق ولا يستخفه غضب، يحرص على لين الجواب والبعد عن ساقط اللفظ وهابط الكلمات متحضر حتى في خصامه يدرك أن الصبر على ضبط النفس وسجن اللسان أهون بكثير من ترميم ما قد يسببه الانفلات في القول!.. عف اللسان حتى في حال الخصومة؛ فالبطولة الحقيقة ليست في إطلاق اللسان بالسب والشتم فهي من طبع سفلة الناس؛ بل في ضبط النفس وكظم الغيظ.

5 - العاقل يدرك أن من البشر من لا يرعوي بالكلمة الطيبة ولا الفعل الكريم فهو يحتاج لمخلب أسد ونفثة ثعبان وسيف حاد يلوح بها أمامه كي يعود لرشده!

6 - قانون العاقل الأهم هو (الهدوء) ويدرك أنه الطريقة المثالية للإمساك بزمام أي موقف واحتواء أصحاب المشاكل مهما بلغت حماقاتهم ومهما بالغوا في عدوانيتهم وجلافتهم، وما أروع ما قاله الفيلسوف (كيلنيغ) احتفظ برأسك كلما فقد من حولك رأسه!

ومضة قلم:

لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما!

khalids225@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب