15-11-2014

الإرهاب الوطني امتداد للإرهاب

الأسرة هي المؤسس الأول للشخصية، وهي من أهم المؤسسات الاجتماعية لتأهيل الشخصية تأهيلاً منذ مراحلها المبكرة، ونتفق جميعاً لا بديل للأسرة مهما كانت المؤسسات الاجتماعية البديلة متكاملة في خدماتها الرعوية. وهذا ما تؤكده الدراسات الاجتماعية عن المشكلات الأسرية والقضايا الاجتماعية، والظواهر السلوكية عندما تعتبر الأسرة المرجعية الأساسية لتحليل الأسباب والمؤثرات التي ساهمت في تلك المشكلات والقضايا الاجتماعية ذات التأثير السلبي على تماسك الشخصية ثم على استقرار المجتمع المحلي. وهذا ما تثبته أيضاً تلك الدراسات النفسية خاصة التحليلية منها عندما تسلط الضوء على الأساليب التربوية، والبيئة التي نشأت فيها عينات تلك الدراسات، وأثرا الاستقرار والتكوين الأسري لها على نوعية المشكلات التي تعاني منها فئات معينة في المجتمع، وهذا ما أود التركيز عليه اليوم على أثر الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها بعض المناطق لدينا ارتباطاً مع مناسبة يوم عاشوراء الفضيل ! فالإرهاب الوطني أوسع وأعمق من أي إرهاب آخر لأنه يمُس وحدة الوطن واستقراره، ولا يمكن أن يظهر فجأة بدون مروره بمراحل ومستويات مختلفة من المؤثرات التربوية والدينية التي تساهم في تشكيل تلك الشخصية غير السوية وطنياً، وتصدر منها سلوكيات صادمة لدينها ووطنها ! والسبب أن البيئة التي نشأت فيها تلك الشخصية ذات الانتماء الوطني الضعيف، بالرغم أنها ترعرعت على أرضه وأكلت من خيراته، واستظلت بظله، ونامت قريرة العين تحت سقفه، لم يكن التوجه الأساسي لأسرتها هو (التربية الإسلامية) ذات الأبعاد العميقة والصادقة، بل استغلت (الدين) لتحقيق رغباتها غير المقبولة لا ديناً ولا فكراً ولا إنسانياً خاصة عندما زرعت بداخل أبنائها (قبول الموت) ببساطة ! والتخلص من أجل الفوز (بالجنة) من وجهة نظرهم ! فكان لتلك الأسر دور في ظهور التعصب القبلي والمناطقي والطائفي لدى أبنائها من صغرهم، أكثر من الانتماء الوطني! وهذا بلا شك له دلالات خطيرة دينية وأمنية ووطنية! فهؤلاء هم بلا شك ضحايا للإرهاب الأسري الذي يتمدد في البيوت الصغيرة والبسيطة، بعيداً عن المظاهر الاجتماعية الأخرى، حتى تصل بأهدافها إلى تشكيل شخصيات ممارسة للعدوان، فتجدهم كل فترة يظهرون فجأة ويمارسون القتل بسهولة، ثم يختفون وهكذا بشكل دوري ساهم في ارتفاع واستمرار مظاهر الإرهاب التي ما زالت تحصد من الأرواح البريئة بحجة (نشر الدين اإسلامي الذي هو منهم براء)!

فالإرهاب الأسري يشكل خطورة لا يستهان بها، ويعتبر منطلقاً وموزعاً لأنواع مختلفة من الإرهاب التي تشوه سمعة الإسلام، وتسيء للجهود الحكومية لنشر روح التسامح والحوار، مما يعطي دافعاً قوياً للجهات الأمنية ذات الاهتمامات العليا بحق أمن البلاد، بالتركيز على دراسة مسببات وجود عناصر ممثلة للإرهاب الوطني، بالرغم أنها تحمل بطاقاتها الوطنية بين يديها لكنها لا تفكر في أبعاد ما تقوم به من أفعال إجرامية بحق وطنها ! فالأولى التركيز على تعديل التربية الأسرية العنيفة القامعة والخانقة للطفولة والمنتشرة كما ترون في السنوات الأخيرة، لأنها لا تنتج للوطن إلا شخصيات عدوانية لا تهنأ إلا بتفشي القتل في تعاملاتها الدينية والاجتماعية والوطنية.

moudyahrani@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب