19-11-2014

بين الكره والحب.!

يكفيك أن تحب دون أن تسأل عن أسباب الحب.. هو اكتفاء يتخلل حواسك لتكون مختلفاً ومسالماً ومرتاحاً وسعيداً.. بغض النظر عن الإنسان الذي استحوذ عليك.. لأنه يحدث أن تحب من لا تحترمه.. ويحدث أن تحب من يختلف عنك تماماً.. ويمنحك الحب قدرة التغلغل في التفاصيل لتتجاوز الحواجز الوهمية والحقيقية وتتعايش مع الصعب والممنوع.. أما الكره فأنت مضطر أن تضع للكراهية أسباباً منطقية وشخصية قبل أن تسمح له أن يعلن عن نفسه.. لأنه يفتك بك أولاً ومن ثم يدمر علاقاتك وحياتك.. أن يكون الكره غامضاً أو من أجل مشاعر غيرك.. فأنت تافه.. ومشاعرك مؤجرة كعقلك الذي لم يسعفك لتنصف الآخرين.

وعندما ترتقِي النفس.. فإنها في تصاعد إلى أن تصل لمرحلة توجه فيها مشاعرها دون شخصنة.. لكنها تمنحها من أجل الكل لأن الأنانية مدمرة.. وهي المحرض الأول لأي فساد يولد.. لأنه بكل بساطة مجرد إنسان قدم مصلحته على مصلحة البشرية.. ونسي أن العالم ليس هو فقط.. إنما بشر كُثر.. يحفرون الصخر للوصول إلى نبع الكسب والنجاح.. اختار أن يكون لصاً وانتزع من أفواه المساكين نصيبهم.

لكن المسكين شريك في سطوة اللصوص على رزقه وحقوقه.. لأنه انهزم واختنق صوته.. وفقد إيمانه.. وما أكثر المتخاذلين عن المطالبة بحقوقهم.. وما أندر المتحدّين لجسارة الثعالب.. لا بأس أن تتلاشى أول صرخة مظلوم بين ضوضاء المطبلين والشحاذين والمتواطئين والنصابين.. ليعقبها أخرى.. وأخرى.. إلى أن يصل الصوت وتسترد الحقوق.. أما من يظن أن غلة «الحرامي» مشاعة للأيدي.. فهو حبيس خياله.. فلا أحد يستطيع أن يرد لك حقك غيرك.. نعم أنت ولا أحد سواك.

الفساد أن تراه وتتركه يتمشى بأمان بين المصالح.. الفساد أن تخاف من مواجهته.. الفساد أن تُظلم وتسكت وتحني رأسك.. الفساد أن تجهل حقوقك ولا تطلع عليها وتفهمها وتحاجج بها.. الفساد أن ترى المظلوم أمامك وتترك للظالم فرصة سحقه دون أن تدافع عنه.. أو تدفعه للرفع من ذله ومواجهة مصيره.. الفساد أن يعمم الجهل.. وتوجه العقول لتخدم مصالح الخونة.. الفساد أن يكون الكره دون مبرر.. وأن يكون الحب جريمة وإن كان لمصلحة البشرية.. الفساد أن تكون أسباب الحرب مبهمة.. الفساد أن يمزق الوطن سنين مديدة لأسباب أثبتت النتائج هراءها وسخافتها.. كره ودم ونار وفرقة.. فكيف لها أن تكون شريفة أو فاضلة..؟

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب