24-11-2014

صحابة رسول الله.. والرياضة

يقول الصحابي بلال بن سعد: أدركت قوماً يشتدون بين الأغراض، يضحك بعضهم إلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً. والصحابي الجليل في قوله هذا الذي نقله (الأوزاعي) يفهم منه ارتباط صحابة رسول باللعبة الرياضية، وأنهم كانوا شغوفين بممارسة ومشاهدة لعبة الرمي في نهارهم، عباداً في ليلهم. ولعبة الرمي هي الممارسة الرياضية والترويحية الأكثر انتشاراً وممارسة عند العرب، لسهولة وبساطة تهيئة ظروف ووسائل ممارستها، وطابعها التنافسي المشوق. هذه الحالة الحياتية المعاشية الطبيعية السوية التي بذرها الإسلام في السلوك وطبائع الإنسان، ويصيغ بها ممارساته ومواقفه من الحياة، هي ما جعلت هؤلاء الصحابة الموجودين في ظلال الوحي ونبي الأمة يدركون ما لأنفسهم وأبدانهم من حق في الترويح بالرياضة، وأنها ستكون خير معين ونافع لهم في عبادتهم. ولم يحولهم نضوجهم ووعيهم بـ«جوهر الدين» إلى رهبان منقطعين للعبادة، تاركين وهاجرين ممارسة ما تفرضه طبائع الفطرة البشرية من ترويح نافع، يعود بالنفع على البدن والنفس وعقل الإنسان، ويعينه على أن يكون فرداً ممتلكاً للاستقرار النفسي والبدني، وممتلكاً للياقة بدنية، تحتاج إليها صحته ونفسيته.

لذا، ستجد عمر بن الخطاب غير متردد في أن يلكز شاباً تبتل وتنسك، قد أحنى قامته، وطأطأ رأسه في السوق.. ويحمل عليه بدرته ناهراً له، قائلاً: «ارفع رأسك، وأصلح قامتك. لا تمت ديننا أماتك الله».

رحم الله الشفاء بنت سعد التي كلفها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمسؤولة «الحسبة» في سوق المدينة(!)، عندما رأت فتياناً يمشون في السوق متماوتين، فسألت: ما هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء نساك. فقالت لهم ناهرة: إن عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع.

صحابة رسول الله أدركوا جوهر الإسلام وقيمة الممارسة والمشاهدة الرياضية وفائدتها على الفرد والجماعة، ولم يمنعهم ذلك من أن يمارسوا اللعبة الرياضية، وأن يجعلوا من المدينة المنورة فضاء فسيحاً متعدداً للفعاليات والمناشط الرياضية، الفردية والجماعية.

turkin@windowslive.com

مقالات أخرى للكاتب