26-11-2014

محاولة لإجهاض مسيرة التسامح والمصالحة في العراق

قضية أحمد العلواني عادت من جديد إلى صدارة الأحداث في العراق. ففي توقيت غريب ومريب أيضاً صدر حكم بإعدام النائب أحمد العلواني النائب عن مدينة الرمادي في محافظة الأنبار.

وللتذكير، فإن النائب أحمد العلواني اعتُقل في عهد رئيس حكومة بغداد نوري المالكي، وفق المادة الرابعة، وهي المادة التي وُضعت لمواجهة الإرهاب، وهي مادة يقول عنها السياسيون العرب السُّنة إنها وُضعت للاجتثاث والانتقام من السياسيين السُّنة.

المهم هو أن قوة عسكرية توجهت من بغداد إلى الرمادي لاعتقال أحمد العلواني وشقيقه، وقد قامت تلك القوة باقتحام منزل العلواني، وقتلت شقيقه، وقبضت على النائب الذي رغم تمتعه بحصانة إلا أن قوة المالكي قبضت عليه، ونقلته إلى بغداد مكبلاً، وفي بغداد جرت محاكمته بالرغم من مطالبات أهالي الرمادي بنقل محاكمته إلى الأنبار حيث مسرح الجرائم التي اتهم بها أحمد العلواني، إلا أن المحاكمة جرت في بغداد، وفي ظروف عدائية ضده، وتم الحكم عليه بالإعدام. وقتها قوبل الحكم بامتعاض وغضب، إلا أن الحكم شُمل بالتميز، وهو ما يعني إعطاء فرصة أخرى له ولمحامي الدفاع لتأكيد براءته، ولكن إعلان مجلس القضاء وفي الوقت الذي تقوم به عشيرة البوعلوان التي ينتمي إليها النائب، ويُعد واحداً من أهم (شيوخها) وساستها، يضفي مزيداً من الشكوك والريبة حول من تبقى في الجسم الحكومي، وبخاصة القضاء العراقي من (جماعة المالكي)، لإثارة المشاكل أمام حكومة العبادي؛ إذ إن انسحاب عشيرة البوعلوان من الحرب ضد داعش، واتخاذها موقفاً عدائياً ضد قوات الحكومة، سيجعل الموقف صعباً ومحرجاً جداً. ولعشيرة البوعلوان موقف لا ينساه أهل الرمادي، ففي عهد حكم الرئيس السابق صدام حسين أُعدم أحد أبناء عشيرة البوعلوان، ورغم صرامة حكم صدام حسين، وقوة أجهزته الأمنية، إلا أن أبناء العشيرة حرقوا مقر المحافظة، وهاجموا العديد من مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية، وهو ما يهدد المواقع الحكومية العراقية في الرمادي خاصة؛ لأن هناك انطباعاً وشعوراً من أهل الرمادي بأن إعلان الحكم على أحمد العلواني في هذا الوقت، فضلاً عن اتخاذ حكم ضد واحد من أبناء المدينة عُرف بخدمته لأهالي الرمادي عندما كان طبيباً ومسؤولاً عن مستشفى الرمادي ولهذا يرون أن تصرف مجلس القضاء المتهم بمساندة نوري المالكي وقبوله رشى عديدة أصدر أحكاماً مؤيدة لما يريده المالكي، ولهذا فإن المكون السني في الأنبار وباقي المحافظات يرون في توقيت إعلان الحكم على واحد من قياديي المكون السني العشائري والسياسي (لدغة ثانية) لأهل السنة، في وقت يجري فيه الحديث عن المصالحة الوطنية والتسامح؛ ولهذا فإن قيام مجلس القضاء العراقي بهذا العمل هدفه إجهاض مسيرة المصالحة والتسامح، خاصة أن اتهام العلواني يرتكز على اتهام أحد أعضاء التحالف الوطني الشيعي له بإثارة النعرات الطائفية ضد الشيعة في الأنبار، وهي تهمة توصل قائداً سياسياً وعشائريً مهماً إلى حبل المشنقة، أما من يقتل أهل السنة ويقطع رؤوسهم ويرمي جثثهم في نهر دجلة فلا يزالون يسرحون ويمرحون، ومنهم النائب الذي طالب بتقديم العلواني للمحاكمة.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب