21-11-2014

صفحة الخليج الجديدة تعجِّل بفتح صفحة جديدة للعرب

الصفحة الجديدة لمسيرة مجلس التعاون التي صنعها بيان الرياض التكميلي، والذي أنهى خلاف التسعة أشهر وأبعد غيمة الخلافات الخليجية، انعكس إيجابياً على العلاقات العربية، إذ حرص واضع إستراتيجية معالجة الخلافات الخليجية، أن يكون بيان الرياض منطلقاً لمعالجة ما يشوب العلاقات العربية، فالقارئ بتمعُّن لبيان الرياض التكميلي وقبله البيان الأول الذي وضع أُسس معالجة الخلافات، يلمس أنّ من وضع بنود الاتفاق كان يضع أمام عينيه مصالح الأمة العربية والإسلامية وليس مصلحة الخليج العربي فقط، إذ أراد أن يكون اتفاق الخليجيين منطلقاً لاتفاق العرب جميعاً، لأنّ أسباب الاختلاف الخليجي هي نفسها أسباب الخلافات العربية، تباين في وجهات النظر أنعكس سلباً على العمل المشترك بعد الانجراف نحو النظرة الحزبية وتغوّل الفكر الأيدلوجي لجماعات بعينها يعرفها العرب جميعاً، ولأنّ هذه الجماعات وبعملها السلبي الذي تابعه الجميع، تسعى إلى تفريق العرب جميعاً، فكان أن استهدفوا دول الخليج لمعرفتهم أن دول الخليج العربية وبالذات منظومة مجلس التعاون، هي القاطرة التي تقود مسيرة العمل العربي المشترك وهي الأكثر فعالية، وقد تحققت للدول العربية الكثير من الإنجازات والاختراقات عبر ريادة دول المجلس للمسيرة العربية في العقد الأخير، ولهذا كان هدفهم إضعاف منظومة مجلس التعاون عبر زرع الاختلافات بين دوله. ومثلما سعى أصحاب الأجندات الأيدلوجية المشبوهة إلى إضعاف المسيرة العربية عبر إضعاف منظومة مجلس التعاون، عمل قادة دول مجلس التعاون على أن تكون معالجة خلافات البيت الخليجي منطلقاً لترميم البيت العربي.

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومن خلال معالجته للخلاف الخليجي وإصراره على إفشال الاختراق الذي تقوم به جماعات الأجندات المشبوهة، وقفل جميع المنافذ والمسارات في الإقليم الخليجي، كان يعمل وبدون أي صخب أن تكون معالجة مزدوجة، فقطع الطريق على استغلال دول الخليج العربية، وسد منافذ الاختراق يحرم تلك الجماعات من ركيزة قوية كانوا يسعون إلى توظيفها للهدم، وليس توظيفها للبناء مثلما أراد خادم الحرمين الشريفين وهو ما تحقق له، إذ إن إبعاد الأيادي القذرة ومنعها من العمل لإبعاد دول الخليج العربي عن الإسهام في مسيرة العمل العربي، بإشغالها بخلافات داخلية هي بالأساس دخيلة عليهم، لأنّ الخلاف ليس هو سعي أصحاب الأجندات الخاصة لتوظيف دول الخليج العربية لدعم مخططاتهم التي لا تهدف إلى مصلحة الأمة العربية، بقدر ما تهدف إلى إعلاء وتوجُّه فكر سياسي أيدلوجي يفرِّق لا يوحد، ولهذا فقد تهاوت كل أعمالهم عندما وضحت الرؤية لمن أرادوا جرهم إلى خارج المنظومة الخليجية وتوريطهم في خلافات لا تخدم مسيرة العمل العربي، كما لا تخدم آمال وطموحات أهل الخليج العربي، الذين اختطوا مسيرة ترتكز على تنمية مجتمعاتهم ومشاركة إخوانهم العرب في تحقيق معدلات نمو عالية، وبناء مجتمعات راقية تعتمد على تطوير آفاق العلم والتعليم وتحسين الخدمات الصحية والاجتماعية، وإقامة علاقات متوازنة مع الأسرة الدولية كافة، على أساس التكافؤ والندية وخدمة المصالح المشتركة، هذه الأهداف التي عملت قيادات دول الخليج العربية على تنفيذها والسعي لتحقيقها، والتي أراد أصحاب الأجندات السياسية إشغالهم عنها، تتطلب من قادة الفكر والرأي ووسائل الإعلام دعمها والسير على هداها، وليس الانجراف وإشغال المجتمع بالخلافات والترهات، فلا يجب على وسائل الإعلام الانجرار وراء خوض المعارك الإعلامية، التي تشغل المجتمع عن تأدية واجبه في دعم العمل التنموي وتوسع رقعة الخلاف، بطرح مسائل وقضايا هامشية وتنال من كرامة وسمعة شخصيات عربية تظل ومهما اختلافنا معها رموزاً لمجتمعاتها والتي يجب أن نحترم خياراتها.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب