27-11-2014

توسع متسرع في مشروع كليات التميز!

من المسلم به إدارياً أن المبادرة لتعميم فكرة أو التوسع في مشروع ما لا تأتي إلا بعد أن تثبت الفكرة أو المشروع النجاح على المستوى التطبيقي، أو على الأقل يبثان مؤشرات إيجابية تدل على سلامة المنهجية والتصاعد في النتائج.

المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أقدمت على تدشين مشروعات والتوسع فيها خلال السنوات الماضية، وبرغم الميزانيات الضخمة المرصودة لها من الدولة إلا أن النتائج قد جاءت دون الطموح بكثير ويكفي أن ندلل على أن عدد العاطلين المسجلين في قائمة حافز من مخرجات المؤسسة قد تجاوز العشرة آلاف ناهيك عن ضعف الكفاءة الخارجية النوعية التي يعبر عنها رفض سوق العمل لكثير من خريجي المؤسسة بحجة ضعف تأهيلهم.

الغريب أن المؤسسة ما زالت رغم ضعف مخرجاتها ماضية في طرح مشروعات جديدة تبلغ من الضخامة والتكاليف ما يسمح للقلق أن يتسلل إلى النفوس بقوة خوفاً من الفشل المصاحب للهدر في الوقت والمال. آخر تلك المشروعات التي تراهن المؤسسة على نجاحها ما أسمته بكليات التميز، وهو مشروع يعتمد حسب تصريحات المحافظ على مبدأ الشراكة مع بعض الشركات العالمية في مجال التدريب، ويستهدف إنشاء 100 كلية خلال الأربع سنوات القادمة لتدريب 150000 ألف طالب وطالبة ويدار من خلال شركة خارج المؤسسة.

العجيب أن التخصصات المدرجة في القائمة تحتاج كي يتمكن الطلاب من الإلمام بها إلى إمكانات جبارة من مدربين أكفاء وخبرات ذات موثوقية عالية وتجهيزات كبيرة وتعاون منظم مع شركات القطاع الخاص. من كثرة التخصصات أصبت بالدوار وظل الشك بالنجاح يلاحقني.

خذ مثلا لا حصراً صيانة الطائرات والبترول والصناعات البتروكيماوية، وتقنيات البترول والبلاستيك والإليكترونيات، وصناعة الأغذية والتعدين إلى آخر القائمة الطويلة والتي يحتاج تدوينها إلى مقالات وملاحق. السؤال كيف لكليات تميز حديثة ووليدة أن تخرج لنا متخصصين مؤهلين في مهن يحتاجها البلد، والمؤسسة رغم سنواتها الطويلة لم تحقق لنا الاكتفاء في مهن بسيطة مثل الكهرباء والسباكة والنجارة، والعمالة المتواجدة في السوق والمسيطرة على كل المهن خير شاهد على صحة كلامي!

مشروع كليات التميز سيكلف أربعة مليارات وشراكات مع مؤسسات أجنبية، وأكثر ما أخشاه أن لا يحقق المشروع ولو جزءا من أهدافه فيدخل كل هذا في قائمة الهدر الطويلة. أذكر توصية للجنة العلمية بمجلس الشورى طالبت فيها المؤسسة بالتريث في افتتاح كليات التميز للتأكد من مخرجاتها وتوطينها للكوادر التدريبية التقنية، وحظيت التوصية بتأييد عدد كبير من أعضاء المجلس وهي توصية في محلها لكن المؤسسة مضت في مشروعها دون أن تضع لتلك التوصية أي اعتبار!

تفاجأت بتصريح لنائب محافظ المؤسسة الدكتور فهد التو يجري يعلن فيه عن عزم المؤسسة على زيادة عدد كليات التميز من 18 كلية إلى 50 كلية، ما يعني أن المؤسسة ماضية في توسع متسرع غير مدروس، وغير مؤسس على نتائج تجارب عملية، ودون وضع اعتبار لمخرجات قد تدخل في دهاليز البطالة لتنضم لمخرجات المؤسسة الواقفة في طوابير العاطلين عن العمل!

لست ضد المشروع ولكني ضد التوسع فيه قبل أن تثبت التجارب التطبيقية نجاحه، وتبلور لنا محفزات إيجابية للتوسع فيه.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب