27-11-2014

لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا أقُولُ عَذَرْتَنِي.!

الحلم والأناة والرفق كل منها يتوجَّب أن تكون مقياساً لإيجابية الشخص من عدمها في الحكم على بعض جوانب شخصيته، إذا ما احتكمنا لميزان الإنصاف والموضوعية والشفافية والتجرّد من أي عاطفة أو ميول في غير محله قال الله تعالى وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134 سورة آل عمران).

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأشجّ عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة» رواه مسلم.

«إن فيك خصلتين» أي فيك أمران كريمان هما «الحِلمُ» يعني العقلُ والتثبّتُ في الأمور، و»الأناةُ» يعني عدم التعجل، وكلا الخصلتين محبوبتان عند الله.

وقد دار حديث قبل أيام في أحد الصالونات الأدبية بوجود بعض الإعلاميين والشعراء، وكان محوره علاج سلبية كانت قد رُصِدت في حينها في بعض وسائل الإعلام، حول تذمُّر بعض الشعراء في بعض مسابقات الشعر من أسلوب تعامل وصفه بعضهم - بالمُهين من قبل بعض لجان الشعر - ودلّلوا على توثيق قضيتهم المطروحة للإعلام في هذا الشأن في أكثر من موضع، وعلّق بعض الحضور حسب وجهة نظرة أن الإشكالية تكمن في محور نصّه (مَن يُقَدِّم مَن)؟! إذا كان بعض الشعراء المتسابقين يفوق شاعرية وثقافة - من منظور نقدي - من يفترض أنهم نُقَّاد لنصه الشعري كمتسابق، واستشهد بسخريته الهادفة بقول الخليل بن أحمد:

لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما أقُولُ عَذَرْتَني

أوْ كنْتَ تَعْلم مَا تَقُولُ عَذلْتكَا

لَكِنْ جَهِلتَ مَقَالتِي فَعَذَلْتَنِي

وَعَلِمْتُ أنَّكَ جَاهِلٌ فَعَذَرْتُكَا

واسترسل: أنا أحترم كل ردّة فعل راقية لبعض من ظُلموا في بعض مسابقات الشعر، وكان لسان حالهم - الحلم سيّد الأخلاق - طالما أنهم ارتضوا أن تُعرض قصائدهم على لجان شعر لا تخفاهم ثقافة وشاعرية أعضائها، واستشهد ببيت من الشعر للشاعر الأعشى:

وَفَضَّلَنِي فِي الشِّعْرِ وَاللُّبَّ أنَّنِي

أقُولُ عَلَى عِلْمِ وأَعْرِف مَنْ أعْنِي

وأردفه باستشهاده ببيتين من الشعر للشاعر علي بن الجهم:

وَعَاقِبَةُ الصَّبْرِ الجَمِيلٍ جِمِيلَةٌ

وَأفْضَلُ أخْلاَقِ الرِّجَالِ التَّفَضُّلُ

وَلاَ عَارَ إِنْ زَالَتْ عَنِ المَرْءِ نِعْمَةٌ

وَلَكِنَّ عاراً أنْ يَزُولَ التَّجَمُّلُ

وعلق بعض الحضور مختلفاً مع وجهة نظر المُتَحدِّثْ بأن الحيادية تَتَطَلَّب معالجة الأخطاء الفادحة لبعض لجان مسابقات الشعر الشعبي، وليس التركيز فقط على ردّة فعل بعض المتسابقين السلبي منها والإيجابي وأضاف: وإن كان يُحسب لبعض المتسابقين حلمه على تجاوزات عديدة بحق شخصه ونصه الشعري، واستشهد ببيت قديم للشاعر الشعبي محمد المهادي - رحمه الله -:

ولَعَلّ نَفْسٍ ما للأجواد عندها

وقارٍ عسى ما تِهْتِني في شبابها

واتفق بعض الحضور على وجهة نظر مؤداها أن بعض هذه المسابقات حَوّلت بعض الصداقات لعداوات ما كان لها أن تكون، وكان لسان حالها -كما ردد بعض الحضور - قول الشاعر رميزان التميمي رحمه الله:

مانيب أصافي خَيِّرٍ ثم أجي له

عقب العلوم الطيّبات حَريب

«ومدارات شعبية» بحياديتها المهنية وشفافيتها الموضوعية تطرح لقرائها ومتابعيها الكرام كل وجهات النظر دون أن تتبنّى إحداها.

abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب