29-11-2014

الشفافية .. وأمن المعلومات

طلب مني ابني 15 عاماً أن يشترك في دورة البرمجة بلغة الجافا، وأذنت له شرط ألا تُؤثر على دراسته.

جلست معه أستمع وأشاهد عبر الأون لاين، ونحن نحتسي القهوة العربية.

يثير المشاركون نقاشاً علمياً لا أفهم تفاصيله حول البرمجيات والعالم الرقمي وأمن المعلومات.

قادني الفضول للاطلاع على كتاب أمن المعلومات بلغة ميسَّرة تأليف د. خالد الغثبر، ود. مهندس محمد القحطاني من إصدارات مركز التميُّز لأمن المعلومات، وهما كفاءتان وطنيتان من جامعة الملك سعود.. وقد افتتحا الكتاب بأسلوب طريف وتحت عنوان: «كان يا ماكان».. كتبا:

«كان أبو صويلح يحفظ أوراقه الهامة كصك البيت وغيره في خزنة (تجوري)، وكان لا يعطي مفتاحها لكائن من كان»..

وفي تسلسل منطقي وصل أبو صويلح للحواسيب والشفرات والترميز في حفظ معلوماته المهمة.

هذا على الصعيد الشخصي، والخصوصية للأفراد مكفولة وانتهاكها يُعد جريمة معلوماتية يُعاقب عليها القانون.

لكن في المقابل المعلومات المرتبطة بالأجهزة الخدمية الحكومية: هل يتعارض شرط الشفافية فيها كونه أحد محفزات التنمية التي تتطلب أن يكون المواطن على اطلاع تام، بل وشريكاً في عملية اتخاذ القرار كون هذه الأجهزة لم تقم إلا لخدمته.

هل يتعارض هذا مع ضرورة التقيُّد باحترازات أمن المعلومات؟

الحقيقة لا.. بل إن الشفافية تتطلب الوفاء بشروط أمن المعلومات حتى تؤدي دورها كما يجب.

لأن أمن المعلومات لا يعني السرية فقط، بل يعني أيضاً النشر لما هو ضروري وفق مواصفات خاصة أهمها:

- الدقة والصدقية وعدم التضليل لأصحاب المصالح.

- وضوح الإجراءات والاشتراطات وسير المعاملات والمعايير والضوابط التي تُبنى عليها الترشيحات والاختيارات.

- حماية المعلومات من التدخل غير الآمن بالتعديل أو الحذف أو الإضافة.

بحيث يكون السيكيورتي الآمن غير متعدد ومقتصر على فئة قليلة، وذلك لعدم شيوع المسئولية.

- تحديث البيانات والمعلومات بحيث يكون تدفقها دائماً ومحدثاً وموازياً لما يحدث على أرض الواقع تماماً.

وفي ظل توجُّه الدولة الحثيث للحكومة الإلكترونية أستعيد نتائج دراسة ماجستير قامت بها ندى العتيبي من جامعة الملك سعود عن الشفافية في أداء الأجهزة الحكومية، توصلت إلى أن درجة ممارستها للشفافية متوسطة فيما يخص الوضوح، أما ما يخص المشاركة في اتخاذ القرار فهي متدنية.

ويتطلب هذا معالجة وتدخلاً قوياً من المسئولين عن تلك الأجهزة التي ما زالت تخضع للقرار المنفرد ولا تُوجد وسائط للمشاركة، وإن كانت النسب متفاوتة.

الحكومة الإلكترونية أحد الحلول، لكنها ليست الحل السحري لأن من يديرها هي عقول بشرية إن صلُحت صلُح حال التقنية، وإن ظلت جامدة نقلت جمودها إلى الحواسيب وقواعد البيانات.

f.f.alotaibi@hotmail.com

Twitter @OFatemah

مقالات أخرى للكاتب