م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - مصادر الألم ثلاثة: الأمراض الجسدية (ألم حِسِّي)، والأمراض النفسية، والمشاعر المجروحة (ألم معنوي).. وكل ألم يقاس بمقدار الوجع الذي يسببه، والزمن الذي يستغرقه، والأثر الذي يتركه، وردة الفعل التي يُحْدثها، والنتيجة التي يصل إليها.. وكل ألم له دواؤه، فبعض الآلام لا دواء لها سوى الزمن، وثانية لا يشفيها سوى الانتقام، وثالثة تُنْسى بالاعتذار، ورابعة تتجاوزها بسمو النفس، وهناك آلام لا يطفئها شيء، بل يعيش معها المصاب حتى يموت.
2 - مصادر (الآلام الجسدية) متعددة، إما أمراض موسمية كالإنفلونزا.. وإما أمراض عضوية تحتاج إلى أشهر أو ربما سنوات لشفائها أو حتى إجراء عمليات لعلاجها.. وهناك المرض العضال المشكوك في شفائه كالأورام السرطانية والعياذ بالله.. وهناك الأمراض المزمنة التي يجب أن يتعايش معها الإنسان حتى يموت كالسكر والضغط وأمراض العصر الأخرى.
3 - مصادر (الآلام النفسية) عديدة، بعضها من قوة تأثيره يتحول إلى أمراض جسدية، فضغوط الحياة حينما تتواصل تصبح أحمالاً ينوء الجسد بحملها.. وضغوط الحياة المتمثلة في متطلباتها ومشاكلها ومنافساتها وحوادثها، ومسؤوليات الحياة العملية والأسرية والاجتماعية، وانفعالات النفس في الحياة العامة يومياً في الطريق والعمل والبيت، كلها ضغوط إذا تراكمت تسبب ما يسمى الاحتراق النفسي.. وهذا ينهك الجسد ويُمْرِضه فتظهر أعراض ذلك على الجهاز العصبي للإنسان على شكل آلام في القولون، وصداع في الرأس، ووهن في العضلات، وآلام في المفاصل.. وهناك دراسات تقول إن نسبة عالية جداً من الأمراض التي تصيب الإنسان سببها الأول نفسي، نتيجة لضعف المناعة بسبب ضغوط الحياة التي سببها الاحتراق النفسي.
4 - مصادر (ألم جرح المشاعر) تتمثل في: آلام الفقد، والحزن، والقهر، والغيرة، والحسد، والشك، وخيبة الأمل، وإهانة الكرامة، وسوء الظن.. وهذه تصيب الإنسان بآلام الأرق، والتوتر، والغضب، والتشتت الذهني، والشعور بالذنب، وتأنيب الضمير، وجلد الذات، والاكتئاب والرغبة في الانتحار، والرغبات الإدمانية.
5 - من أمثال العرب: «القشة التي قصمت ظهر البعير».. لعل هذا خير وصف للاحتراق النفسي الذي سبب كسر ظهر البعير.. فالإنسان وصف بأنه حمّال الأسية، وحمّال الأثقال والمهام العظام.. وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أن الإنسان هو الذي اختار حمل الأمانة فوصفه - عز وجل - بأنه ظلوم جهول، أي أنه تصدى لمهمة أبت السماوات والأرض والجبال حَمْلَها وحَمَلَها الإنسان! هذا الحمل له عبء جسدي ونفسي هائل، وكل تلك المؤشرات تدل على أن الإنسان بغروره وتوهمه وثقته بنفسه يتصدى لأمور ويتحمل مسؤوليات حملها النفسي ثقيل جداً.. ثم مع تزايد ضغوط الحياة ينهار تحت وطأتها فتظهر عليه أعراض الأمراض الجسدية التي قد تجلط قلبه أو توقف تدفق الدم إلى دماغه فتسبب له السكتة، وهذه نتائجها إما الموت أو الشلل الجسدي المقعد، أو الآلام المبرحة التي تبدأ من الرأس حتى إخمص القدمين.
6 - يقول الله تعالى في كتابه الكريم (لقد خلقنا الإنسان في كبد)، فهذا يعني أنه منذ أن يولد وحتى يموت سوف يكون الألم جزءاً أصيلاً في حياته.