م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- عموم الناس لا تصنف مشاعرها حسب نوعها أو ظروفها أو مبرراتها أو عمق الإحساس بها أو استدامتها، إنما يتم تصنيفها وفق تصنيف بسيط ومباشر، فهي إما مشاعر جيدة أو مشاعر سيئة وكفى! هذا التصنيف السريع مريح في مطلعه لكنه لا يسمح بالتفكير فيه وتحليله، بل إنه قد يجعلنا نتمادى في الانغماس في ذلك الشعور، فإذا كانت مشاعر جيدة مثل مشاعر المتعة والإثارة فسوف نتركها تجتاحنا ونستلذ بالاستغراق فيها إلى حد الإدمان عليها وفقدان القدرة على تركها.. أما إذا كانت مشاعر سيئة كالشعور بالذنب فسوف نجلد ذاتنا ونلوم أنفسنا بشكل حاد قد يسبب الأرق ويحدث القلق وينشئ التوتر إلى آخر تبعات ذلك الشعور البذيء.
2- أيضاً من مشاكل التصنيف البسيط للمشاعر بين جيد وسيئ أنها تعيق الشخص عن فهم حقيقة مشاعره وواقع ما يحس به بلا وعي كامل، وبالتالي تتولد لديه مشاعر مقاومة لأي مواجهة لتلك المشاعر ومحاولة تحييدها، أو ضبط توازنها، أو الوصول إلى ما يسبب ذلك الشعور ومواجهته وضبطه.. وهذا بدوره يراكم تلك المشاعر ويجعلنا نفقد الشعور الأساسي ونغرق في المشاعر الناتجة عنه، بينما الأصل في الشعور الناشئ هو تنبيهنا إلى أمر مهم يمسنا.
3- مهما كان سبب إثارة المشاعر في الإنسان سواء كان سبباً داخلياً أو خارجياً فإن له تأثير على النفس وعلى المحيط، وهذا له تبعات قد تكون سلبية على الشخص ذاته أو على المحيط، من هنا منشأ خطورتها.. ولهذا يجب أن نفهم مشاعرنا بشكل أعمق حتى نستطيع أن نتحكم بها أولاً ومن ثم مواجهتها لحلها بشكل يحمي النفس والمحيط.. حيث يتجاوز أثر فهمنا لمشاعرنا الحماية إلى التأثير الإيجابي في المحيطين بنا، ويزيد من قدرتنا على اختيار أو تحديد الأثر الذي نريد أن نحدثه في الآخرين.
4- المشاعر كالموجة البحرية القوية، لها بداية، ولها قمة، ولها نهاية، وحيث إن لها قمة فلها قاع أيضاً.. كما أن المشاعر سواء كانت سلبية أو إيجابية يثيرها أولاً الحدث، لكن تكبيرها أو تصغيرها يعود إلى طريقة تفكيرنا بها وأسلوب تحليلنا لها، فالحدث بحد ذاته ما هو سوى مثير لتلك المشاعر أما توجيهها فهذا من مسؤوليات عقولنا.
5- أفكارنا ومشاعرنا هي التي توجه أفعالنا، وهي التي تتحكم في علاقاتنا، وهي حالات تصف حال الشخص وواقعه.. فهي تغطي الشق المعرفي والعاطفي والاتصالي والسلوكي، تلك الأربع المكونات هي التي تتحكم في الإنسان وتقود حياته، فجودة تلك المكونات وقوتها ترفع من مكانة الإنسان، ورداءتها أو ضعفها تقلّل من مكانته وجودة حياته.
6- يرى الفلاسفة الإغريق أنه ليست الأحداث بحد ذاتها هي التي تزعجنا، بل أفكارنا حيال تلك الأحداث هي ما يزعجنا.