م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - المشاعر ليست أمراً يحدث بذاته، بل هي ردة فعل لمؤثر خارجي.. واستجابة الشخص ومدى تحكمه في مشاعره الناتجة عن ذلك المؤثر الخارجي واختياره لردة الفعل المناسبة هي مسؤولية الشخص ذاته.. فإذا كان مسيطراً على انفعالاته فهو سيختار ردة الفعل التي يكون مردودها إيجابياً عليه، وقدرته على اختيار الشعور الصحيح دلالة على عقل الشخص واكتمال نموه ونضجه.
2 - ورغم أن منشأ المشاعر يكون غالباً بمؤثر خارجي، لكن السيطرة عليها والتحكم في نتائجها هو في أيدينا نحن، ونوعية استجابتنا تحدد هل نحن الذين نتحكم في انفعالاتنا التي هي نتائج مشاعرنا، أم أن الآخرين هم الذين يتحكمون بها.. فاهتمامنا برأي الآخرين هو المؤثر الخارجي المستمر وليس فعلهم الذي أثار مشاعرنا، فالفعل لعب دور الصاعق الذي فجر الانفعال، لكن اهتمامنا برأي الآخرين هو الذي يجعل ذلك الانفعال يستمر ويتفاعل وربما يتعاظم حتى يدمر الشخص ومن حوله.
3 - هذا يعني أن كل ما نقوم به في الحياة يكون بشكل أو بآخر موجهاً نحو المشاعر.. فمثلاً: نحن نعمل من أجل الكسب حتى نغطي احتياجاتنا الأساسية، لكن ماذا عن الشخص الذي يستطيع أن يغطي احتياجاته الأساسية بعشرة في المائة من دخله، لماذا يستمر ويجتهد في العمل والنجاح فيه حتى لو استطاع أن يغطي حاجاته الأساسية بواحد في الألف من دخله، لكنه يستمر في الاجتهاد ويسعى أن يصل دخله نسبة أعلى تجعل من تغطية احتياجاته الأساسية واحد في المليون لو استطاع؟ الحقيقة أن أي دخل تجاوز تغطية الاحتياجات الأساسية للإنسان هو دخل موجه لتغذية المشاعر والاستمتاع بنشوتها، فجزء كبير من النجاح غايته الحصول على المشاعر الجميلة التي يحققها النجاح.
4 - إذاً السعي لتحقيق النجاح هو بغاية تحقيق السعادة وإثبات الذات.. لكن لو نظرنا للدافع لوجدنا أن الناس أمام دافعين؛ إما أنه يريد أن يطور من نفسه وينمو في حياته ويفيد مجتمعه وهذا دافع مثالي، وهناك دافع آخر وإن كان غير مثالي لكنه الأكثر شيوعاً وهو المنافسة.. والتنافسية في أحد وجوهها هي حال من الشعور بالنقص، فأنا أريد أن أكون أكبر من غيري وأكثر تفوقاً، هذا كل ما في الأمر!
5 - التفكير والأفكار الناتجة عن المشاعر لها تأثيرات مدهشة على بدن الإنسان، ويظهر ذلك في تسارع دقات القلب، واحمرار الوجه لسرعة تدفق الدم في الشرايين، وتصبح العضلات مشدودة، ويصير الإنسان متحفزاً بسبب (الأدرينالين) الذي يرتفع في الجسد، وغيرها من السمات الأخرى التي تظهر على الجسد بسبب الأفكار التي حفزتها المشاعر.. وهذه لم تعد تأثيرات مدهشة فهي سائدة ومعروفة للكل.. المدهش هو أنه تم عمل تجربة بتقديم أدوية على أنها مسكنات ألم لعدد من المرضى الذين يشكون من آلام مبرحة، والغريب أن أغلبهم استجابت آلامهم لهذا الدواء المتوهم وهدأت! وهناك مشاهد أخرى تروى في عالم الطب وهي أن المريض حينما يثق بالطبيب تصبح احتمالية شفائه أعلى بكثير من شفاء المريض من علاج الطبيب الذي لا يثق به المريض.
6 - يقول علماء النفس إن أهم خمسة مؤثرات في حياة الإنسان هي: البيئة التي يعيش فيها، وحالته البدنية، وحالته المزاجية، وسلوكياته، وأفكاره.. وكل واحد من هذه المؤثرات يتفاعل مع الآخر بشكل مستقل، وأي تغيرات في أي مؤثر يؤدي إلى تغيرات في التفاعلات الناتجة.. كما يقولون إن التعامل مع هذه المؤثرات يساعد في التعامل مع حالات الاكتئاب أو القلق أو الغضب أو غيرها من حالات المزاج الحادة، كما يساعد في علاج حالات اضطرابات الأكل أو النوم، وإدمان الكحول أو المخدرات، والتوتر المزمن، وضعف الثقة بالنفس واحترام الذات.