م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- المشاعر السلبية تسبب الإحباط، والتردد، والخوف والتوتر، والترقب، والشك، والغيرة، واللامبالاة، والأسى، والإحساس بالذنب، والغضب، والرفض، وعدم الثقة، والشعور بالنقص، وتوقع الأسوأ، والانزعاج، وفقدان الطاقة، وسوء الظن، والعدوانية، وهذه كلها تسبب الأمراض للجسد والإنهاك للروح والارباك للنفس، فتتلف الحياة.
2- بعد كل تلك المصائب التي تجرها المشاعر السلبية إلى النفس والجسد، فما هو الحل لهذه الكارثة وكيف نتخلص منها؟ يقول علماء النفس إن للمشاعر السلبية مسببات، فإن أنت انطلقت في طلب الحل بمحاولة بحث تلك المسببات ومحاولة معرفة دوافعها فأنت بذلك قد توغلت في تلك المشاعر السلبية وغرقت في وحلها.. والحل هو السماح لها بالرحيل كما يقول الدكتور (هاوكنز)، فقط اعتبرها حدثاً ورحل، وابذل جهدك في السماح لها بالرحيل أكثر من بذل الجهد في معرفة إجابة لماذا حدثت.. فعندما نتخلى عن الشعور الكامن خلف السؤال نستطيع أن نتخلى عن المشاعر السلبية والأفكار التي خلفتها تلك المشاعر.. الأمر قد يبدو عسيراً على التنفيذ والحقيقة أنه ليس عسيراً لكننا فقط لم نحاول.
3- ويقول علماء النفس أيضاً إن أكبر ثلاثة مسببات للمشاعر السلبية هي الغضب والخوف والشعور بالذنب، والتخلي عنها يغير نظرتنا للحياة والأشخاص والأحداث، وبالتالي يغير طريقة إبدائنا لمشاعرنا ويؤثر في سلوكياتنا ويظهر جلياً في وجوهنا، وهذا بدوره يؤثر على علاقاتنا بالآخرين، ويبين ذلك في سلوكياتهم وأحاديثهم معنا، لأن شعور الشخص بالراحة والهناء يوحي بالسعادة، وهذا شعور معدٍ، وفجأة ستجد أن كل من تتعامل معهم أصبح ألطف وأرق وأكثر تفهماً مما سبق حينما كنت تحمل تلك المشاعر السلبية!
4- صاحب نظرية السماح بالرحيل الدكتور (ديفيد هاوكنز) يرى أن سماحنا برحيل مشاعرنا السلبية أفضل وأسرع من العلاج النفسي، لأنه يحرر أنفسنا، ويسرع من نضجنا العقلي، ويرفع من إدراكنا ووعينا ويحفزهما.. ويقول لا شك أن العلاج النفسي أكثر سهولة لأنه يفسر (لماذا) الكامنة خلف السلوك، لكن مشكلته أنه قد لا ينجح في التغيير بل يزيدنا غرقاً في السلبية.. ويرى الدكتور (هاوكنز) أن تقنية السماح بالرحيل تهدف إلى الحرية الكاملة من المشاعر السلبية وليس العلاج من خلال إعادة تكييف (الأنا) لتحقيق التوازن النفسي فقط.. المشكلة الأخرى أن العلاج النفسي يعتمد على المعالج النفسي والنظرية النفسية، والذي تثبته الدراسات والأبحاث أن نجاح العلاج النفسي يعتمد على التفاعل مع المعالج ورغبة المريض بالتحسن وثقته بالعلاج، أما آلية السماح بالرحيل فلن يكون هناك اعتماد على شخص آخر أو نظرية نفسية، فيكفي الاعتراف بالمشاعر السلبية والإصرار على التخلي عنها.
5- حيث إن كل المشاعر السلبية تنشأ من نفس المصدر، فحينما يتم التخلي عن بعض تلك المشاعر السلبية ينكشف المصدر، وعندها يمكن التخلص منه، لأنه خسر معظم قوته بتخلينا عن المشاعر السلبية.. فمثلاً تعريف الشجاعة هي الإقدام رغم الخوف، فإذا كانت لديك مشاعر سلبية كالخوف من المرتفعات أو الخوف من مواجهة الجمهور أو الخطابة أو حضور المناسبات العامة، فإن الشجاعة بالإقدام عليها هي حالة من التخلي عن الخوف، وبالاستمرار في فعلها لفترة زمنية فإن تلك المشاعر السلبية تختفي فلا تعود لديك تلك المخاوف مرة أخرى.
6- حينما ننجح في التخلي عن أحد المشاعر السلبية مثل الخوف أو الغضب ترتفع لدينا مشاعر الحب والقبول للناس والأحداث والأشياء، ونبدأ بالنظر إلى الأمور من زوايا أخرى أكثر سمواً ورقياً وأقدر على التجاوز ونصبح متحررين نفسياً، فتكون آراؤنا وأفكارنا أكثر مرونة وأقل تشنجاً، وتتحرر نظرتنا للحياة وتقلباتها.