د. طارق بن محمد بن حزام
* التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة، فهو إما أن يُفرض علينا بفعل التطورات المحيطة، أو أن نصنعه بأنفسنا لنرسم ملامح مستقبلنا. وبينما يخشى البعض التغيير ويرونه تهديدًا للاستقرار يدرك آخرون أنه فرصة لا تُعوَّض للنمو والتطور. فكيف يمكننا التعامل مع التغيير بوعي وإيجابية؟
إن المتعمق في حال الإسلام ليلحظ صفتين مهمتين لبقائه وخلوده، وغير المتعمق يلحظ تناقضاً ظاهرياً، إذ كيف يكون الشيء ثابتاً ومرناً في نفس الوقت، لذا كان لا بد من توضيح هذه المسألة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتجديد.
لقد كان لغياب التجديد والفهم الخاطئ لمقاصد الشريعة أثره البالغ في تخلف الأمة، ولا يقل خطرا عن ذلك انحراف مفهوم التجديد عن مساره فقد كان ضابط التجديد مهما كأهمية التجديد نفسه وإلا لفقدت غايته وهدفه.
ومما لا شك فيه أن التجديد سنة في الأمة الإسلامية وبشارة نبوية، بيد أن هذه السنة تحتاج إلى ضوابط تضمن لها أصالتها وتعمل على مواكبة الحياة العصرية. لقد كان لمجددي العصر الإسلامي في عصر الانفتاح اتجاهات ورؤى أمام الثقافات الأخرى بين الإفراط والتفريط وقّد جاء الإسلام بوسطيته في قضية التجديد والانفتاح مع التمسك بأصالة الإسلام من خلال مصدريه الكتاب والسنة الصحيحة، مع بيان مواضع الاجتهاد وحرية التجديد المنضبطة التي تفسح المجال لمجددي الأمة للعمل بكل سعة بحيث يضمن له عدم الانحراف.
وختاماً.. إن الجمع بين الثبات والمرونة والتجديد والانفتاح أمر ليس بالسهل، حيث جاءت الشريعة لتبين الخطوط الدقيقة التي تضبط مسألة التجديد، وتبين أنه مرن وصالح لمواكبة الحاضر.
إن الربط بين الثبات والمرونة من جهة وبين التجديد والانفتاح من جهة أخرى، يعد تأسيسا لموضوع ضوابط التجديد والانفتاح، بما يضمن عدم الجمود مع الارتباط بحقيقة الأصالة.