المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
قال الدكتور عبد القيوم بن عبد العزيز الهندي الأستاذ المشارك بكلية الأنظمة والاقتصاد بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: لقد سعدت بمناقشة رسالة ماجستير أنجزها الباحث أحمد سراج بالدي من دولة غينيا، وهو أحد طلبة المنح الدوليين في قسم الاقتصاد بكلية الأنظمة والاقتصاد بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث استشعر الباحث أهمية إحياء شعيرة الوقف وتعظيم أثرها في مجتمعه، واستثمر إقامته في السعودية وهي تنجز أشواطًا متسارعة نحو تحقيق أهداف رؤيتها وما تشهده أوقافها وقطاعها الخيري من تطور على كافة الأصعدة.
وقد تناول الباحث سبل تطوير استثمارات الأوقاف، وتتبع ما أنجزه الباحثون وأقرته مؤسسات الاجتهاد الجماعي المعاصر من صيغ مبتكرة وحديثة للتمويل الإسلامي، وبحث آفاق توظيفها لتطوير استثمارات الأوقاف، إلى جانب دور الشراكات المجتمعية، والشراكة مع المنظمات التنموية الدولية في توسيع نطاق المشروعات الاستثمارية للأوقاف، مستعرضًا في هذا الصدد تجارب مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في تنمية الأوقاف في غينيا.
وأكد د. عبدالقيوم الهندي في حديثه لـ»الجزيرة»: أن مثل هذه الأطروحات العلمية التي ينجزها الطلبة الدوليون باللغة العربية؛ نافذة يطل من خلالها القارئ بالعربية إلى ما أنجزته المجتمعات الأخرى من معارف وتطبيقات وحلول، وفي الوقت ذاته هي فرصة سانحة للاستلهام من الطفرة الحاصلة في السعودية، والسعي لتعميم التجارب والممارسات الناجحة، بما يتناسب وسياقات كل مجتمع، مشيراً إلى أن الباحث أوضح أن عمل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية مع الأوقاف في غينيا تطلب استحداث بيئة تنظيمية للأوقاف؛ مما يعكس دور المجموعة في استحداث وتطوير البيئة التشريعية للأوقاف في الدول الأعضاء، ولعل باحث يتصدى لرصد هذا الدور، ويذهب لما هو أوسع.
وذكر الباحث أن أكبر وقف ديني في غينيا هو جامع الملك فيصل -رحمه الله-، وقد تبرعت به السعودية في عهد الملك فهد -رحمه الله-، وأعيد ترميمه مؤخراً على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-، ويسع الجامع (12) ألف مصل، كما أشار إلى أن المشروعات الاستثمارية للأوقاف في غينيا بالشراكة مع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تعد من أرقى الأصول العقارية في الدولة، وقد أسهمت في الارتقاء بمعايير الأنشطة التجارية؛ مما يعكس جانبًا من دور الأوقاف في رفد الاقتصاد الوطني.
وتوصل الباحث إلى أن استيعاب الطيف المتنوع من صور التمويل الإسلامي المعاصرة، أسهم في تطوير استثمارات الأوقاف، واتساع رقعة مشروعاتها؛ وبالتالي تعظيم أثرها في أداء رسالتها، كما أوصى بأهمية مراعاة التوازن بين حقوق المستفيدين من الوقف، بحيث لا يكون التوسع في الاستثمارات على حساب المستفيدين من الوقف.
وحرص الباحث على أن يترجم اهتمامه بإحياء سنة الوقف في بلده عبر استثمار مكانة علماء المملكة العربية السعودية في نفوس المسلمين حول العالم، ووفقت محاولاته في الربط بين أحد أهم رجال الأعمال في بلده وبين أحد أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية، وترتب على ذلك وقف التاجر لجانب من أملاكه في غينيا، وإشراك الباحث ضمن مجلس نظارة الوقف، وقد أسهمت مؤسسة ساعي لتطوير الأوقاف عبر ذراعها الاستشاري، بمأسسة ونمذجة أعمال الوقف؛ وهو ما يجلي الدور الريادي للسعودية في مجال الأوقاف، واتساع نطاق تأثيرها.
واختتم د. الهندي حديثه قائلاً: هذه الجوانب، وجوانب أخرى لا يسعها الوقت والمقام، دفعتني لأن أصف طلبة المنح الدوليين بوسمهم: جسور التفاعل التنموي بين المجتمعات، وثمة مساحات رحبة لتصميم مبادرات تعظم من مكتسبات دراسة طلبة المنح في الجامعات السعودية.