برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة هو أحد الوجوه النقية التي تعكس التزام المملكة العميق برسالتها الإسلامية والإنسانية، وتُجسد حرص قيادتها المباركة على أن تظل هذه البلاد مركزًا مضيئًا يجمع شرف المكان، ونُبل الغاية، وصدق العطاء.
ومُنذ انطلاق هذا البرنامج المبارك في عام 1417هـ، لم يكن مجرد تنظيم لضيافة موسمية، بل مشروع حضاري يحمل في جوهره بعدًا روحيًا، وأثرًا دعويًا، وغاية إنسانية نبيلة، يسعى من خلالها إلى مد جسور الأخوّة بين المسلمين، وتعزيز روابط التواصل بين أبناء الأمة في أرجاء المعمورة.
وقد مضى البرنامج في تطوره واتساع أثره، حتى صار علامة فارقة في العمل الإسلامي المؤسسي، ومنبرًا حضاريًا تستقبل من خلاله المملكة سنويًا نخبًا من الشخصيات الإسلامية من مختلف دول العالم: علماء، وأئمة، ودعاة، وذوي شهداء، ومؤثرين اجتماعيين، وأصحاب مكانة في مجتمعاتهم، ليحلّوا ضيوفًا أعزاء على وطنٍ اتخذ من خدمة الإسلام وأهله مبدأً راسخًا.
ويقف خلف هذا البرنامج المبارك وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، التي تشرَّفت بتولي هذه المهمة الجليلة، ووفّرت لها كل أسباب النجاح، بإشراف ومتابعة مباشرة من معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، المشرف العام على البرنامج، الذي قاد باقتدار مرحلة تجديدية جعلت من برنامج الضيوف نموذجًا للعمل المؤسسي الراقي، ومَعْلمًا من معالم الجهود السعودية في العناية بالحرمين الشريفين وضيوفهما، ومصدر إشعاع دعوي وتواصلي يُحاكي تطلعات القيادة ويترجم رؤيتها.
ومن أبرز صور هذا التميز التنظيمي، ما تبذله الوزارة من جهد دقيق عبر 14 لجنة متخصصة تعمل على تنفيذ الخطة التشغيلية المتكاملة للبرنامج. وقد وُزّعت مهام هذه اللجان لتغطي مختلف الجوانب التي تكفل تقديم خدمات متميزة تليق بضيوف خادم الحرمين الشريفين، بدءًا من لجنة الشؤون الخارجية، والإدارية، واللجنة العلمية والشرعية، والإشرافية والتنفيذية، مرورًا بلجان الخدمات والضيافة، والنقل، والتجهيزات والإسكان، والاستقبال والسفر، والإعلام، والثقافة، والتقنية والدعم الفني، والمشاعر المقدسة، ولجنة حجاج فلسطين، ولجنة المدينة المنورة.
تتكامل مهام هذه اللجان لتقديم تجربة استثنائية للحجاج، تبدأ من لحظة وصولهم إلى المملكة واستقبالهم في المطارات وتسهيل إجراءات الدخول، وتستمر بتوفير وسائل نقل حديثة، وسكن مميز في فنادق فاخرة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، إلى جانب تقديم وجبات يومية وفق أعلى معايير الجودة، وتنظيم برامج علمية وثقافية، وزيارات ميدانية إلى المشاعر المقدسة والمسجد النبوي الشريف، بالإضافة إلى منظومة خدمات إعلامية وتقنية متقدمة، تُسهم في توثيق التجربة وتعزيز التواصل والتفاعل.
وقد استفاد من هذا البرنامج حتى عام 2025م قرابة 70 ألف حاج ومعتمر، قَدِموا من أكثر من 140 دولة، وهي أرقام لا تُختزل في إحصاء، بل تعبّر عن اتساع الرؤية، وشمول الرسالة، واتصال يد العطاء السعودية بكل بقعة ناطقة بالشهادة.
لقد حرص معالي الوزير على أن يكون البرنامج مرآة صادقة لقيم المملكة وأصالتها، فكان التطوير نهجًا دائمًا، وكانت الحفاوة بالضيوف منهجًا راسخًا، فظهرت آثار ذلك في التنظيم الدقيق، والمضامين النوعية، والتقدير الرفيع الذي يحظى به الضيوف في كل لحظة من لحظات ضيافتهم.
إن ما يُقدمه هذا البرنامج ليس خدمة لحجاج ومعتمرين فحسب، بل هو تعبير صادق عن رؤية تؤمن بأن الحرمين الشريفين رسالة، وأن الوفادة على بيت الله الحرام لا تُقابل إلا بالبذل، ولا يُحيط بها إلا التقدير. وهو في الوقت ذاته مرآة حقيقية لما تمثّله المملكة من حضور حيّ في ضمير الأمة، وموقع متقدم في قلوب المسلمين، وامتداد مسؤول لرسالتها التاريخية في رعاية المقدسات وخدمة قاصديها.
وإننا إذ نشهد هذا العطاء المتجدد، لنسأل الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، خير الجزاء على ما يقدمانه للإسلام والمسلمين، وأن يجزي معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ خير الجزاء على ما بذله ويبذله في هذا البرنامج وسائر أعمال الوزارة، وأن يديم على هذه البلاد أمنها وإيمانها، وتمكينها في كل ما يخدم دينها وأمتها.