«الجزيرة» - أحمد العجلان:
في التاسع والعشرين من شهر يونيو 2019 زكت الجمعية العمومية للاتحاد السعودي لكرة القدم الأستاذ ياسر المسحل رئيساً لاتحاد الكرة ليكون الرئيس الثامن بعمر الاتحاد الأكثر شعبية من كل الاتحادات الرياضية.
المسحل الذي تسلم الكرسي الساخن وجد تركة ثقيلة جعلت صورة اتحاد الكرة مترنحة وفوضوية بعض الشيء، خاصة وأن الفترة القليلة التي سبقته شهدت بالتوالي وخلال عام ونصف تقريباً تسنم ثلاثة رؤساء للاتحاد، وهم: عادل عزت، وقصي الفواز، ولؤي السبيعي، في تسلسل دراماتيكي يؤكد عدم الاستقرار الإداري، وهو ما جعل رؤية التطوير المنبثقة من رؤية السعودية تقف دون حراك.
مع قرب نهاية السنة السادسة لرئاسة ياسر المسحل وانتهاء الموسم الرياضي الحالي يمكن للأرقام أن تتحدث بحيادية تامة بعيداً عن ضجيج الميول والقراءات النقدية المتلبسة بالتعصب الكروي، والتي لايمكن إخفاء وجودها كحقيقة ثابتة حيث يكون العدل حاضراً والتاريخ شاهداً دون أي قلق من شيء؛ فالحقائق لاتوجع سوى من يكره العدل !!
المسحل هو الرئيس الثاني للاتحاد السعودي لكرة القدم الذي استطاع إيصال كافة المنتخبات الوطنية للعالمية بعد الفقيد الراحل الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، فقد وصل منتخبنا الأول لمونديال قطر 2022، ومنتخب الشباب لمونديال2025 بتشيلي، ومنتخب الناشئين لمونديال 2025 بقطر بعد غياب منذ 1989، كما شهد عهده عودة المنتخب الأولمبي لدورة الألعاب الأولمبية 2020 بعد غياب منذ عام 1996، وتحقيق كأس آسيا تحت 23 عاما 2022، وتحقيق كأس العرب للشباب مرتين 2021-2022 وذهبية دورة الألعاب العربية 2022 إضافة إلى بطولات غرب آسيا للناشئين والشباب ومن ينسى أن منتخبنا الأول حقق زعامة ترتيب مجموعته للتأهل لكأس العالم 2022 بوجود اليابان واستراليا وبأعلى رصيد نقطي بتاريخ الأخضر 23 نقطة.
اليوم، لدينا منتخبات إقليمية ومراكز إقليمية بكل المناطق، ولدينا دوريات من سن 11 عاماً حتى 21 عاما، وتسعة مشاريع معلنة للفئات السنية بالإضافة إلى برامج اكتشاف الموهوبين وابتعاث المواهب عبر برنامج صقور المستقبل، والذي أثمر عن احتراف خارجي لعدد جيد من اللاعبين.
في الداخل، وأقصد اللجان والإدارات تتفاوت درجات الرضا لكن اللجان القضائية ولجنة الحكام تبقى بدائرة الحاجة للتطوير مع الأخذ في الاعتبار أن الانضباط والاستئناف مستقلتان تماماً، لكن تقاذف احتجاج نادي الوحدة على نادي النصر بينهما لم يكن إجراءً احترافياً، وتسبب بالكثير من اللغط وإضاعة الوقت، وكم كنا نتمنى أن يكون اتحاد الكرة قد خلق انسجاما بين اللجنتين رغم استقلاليتهما التامة وإدراكي بعدم قانونية التدخل بعملهما لكن الواضح أن الانسجام بينهما معدوم، وهذه نقطة ضعف تحرج اتحاد الكرة!.
يحسب لياسر المسحل فور توليه منصبه إعادة الحياة للحكام السعوديين بالدوري بعد أن تم إقصاؤهم لموسمين وعودتهم للتحكيم الخارجي والدولي والمنافسة على تحكيم المونديال القادم، وتبقى عملية اختيار الحكام الأجانب بحاجة لتدقيق أكثر وكذلك قيادة تقنية الفيديو حيث لابد من أن لايتم اسنادها لحكم قليل الخبرة والممارسة حتى وإن كان يحمل رخصة التحكيم بتقنية الفار.
على الصعيد الإعلامي، المسحل هو الأكثر شجاعة وحضورا وشفافية، وعلاقته بالإعلاميين رائعة وإيجابية وشجاعته تظهر بالأوقات العصيبة، مثلما حصل في مسيرتنا المتعثرة بالتصفيات الآسيوية الحالية للمنتخب الأول حيث لايختبئ ويواجه كل الأسئلة بكل رحابة صدر وهذه تثبت ثقته بنفسه واحترامه للإعلام والجماهير، وكذلك وجود متحدث وإدارة إعلام يعملون دون كلل لخدمة الصحافيين السعوديين ويحظون بالتقدير والاحترام من الجميع.
ليس من السهل أبداً أن تثني على رئيس اتحاد كروي فسيطالك الاتهام لامحالة بأنك صاحب مصلحة، وأعوذ بالله من ذلك، ولكن تشعر بالارتياح النفسي والإعلامي عندما تكون الأرقام سنداً لك والواقع مثمراً بالإنجازات التي يحاول البعض طمسها بسبب مرحلة سيئة للمنتخب أو قرار لم يعجبه، وليس من صالح ناديه أو لمآرب أخرى!.
سيرحل المسحل يوما ما، مثل غيره الذي نال ثقة آسيا ليتربع على عضوية مجلس الفيفا بعد عضوية مجلس آسيا وسيبقى ابو سلمان الرجل الذي كسب ثقة القيادة ودعم القيادة الرياضية مشاركاً بقوة بكل ما تحقق من إنجازات واستضافات عالمية وقارية محافظاً على احترامه للجميع ونبله وهدوئه مترفعاً عن محاولات الشيطنة والشائعات وليدة التعصب وعدم الفهم والإدراك للمرحلة التي جعلت من اتحاد الكرة مؤسسة كروية متينة وشفافة وقوية بالنظام، بدليل أن الأندية ومن خلال اجتماعات الجمعية العمومية تتناغم بالموافقة والدعم لاتحاد الكرة طوال كافة الاجتماعات، كما أصبح أول رئيس اتحاد كروي سعودي يعتمد الرقمنة الإلكترونية بالتعاملات مع الأندية عبر تطبيق ماي ساف، ولذلك وبكل شفافية يمكن معرفة مسار أي خطابات باللحظة.
أعرف تماماً الكثير من المواقف الإنسانية له مع لاعبين وإداريين خدموا الكرة السعودية، فلم يخذلهم ووقف بجانبهم بل أعاد الأمل للكثير منهم دون أن يظهر بالصورة أو يمرر للإعلام تلك المواقف.
إنصاف الرجال جزء أساسي من المهنية الإعلامية، وكذلك انتقادهم للصالح العام، وبالنسبة لي كصحافي أشعر أن من حق الأستاذ ياسر المسحل أن أكتب عنه وأشيد به وأفخر بما يقدمه من عمل، وأجزم أن الكثير من زملائي يشاطرونني ذلك.