ليس الهلال مجرّد نادٍ لكرة القدم، هذه جملة مُستهلَكة، لكنها صحيحة. من أولئك الذين يحبّون الفرق لأن آباءهم شجّعوها، إلى أولئك الذين اختاروه في لحظة انتصارٍ مباغتة، مرورًا بمن سحرهم الأزرق من أول لمسة، يبقى الهلال شيئًا يخرج من الملعب ليدخل في القلب مباشرة.
الهلال ليس نادي بطولات فحسب، بل نادي ذاكرة. فريقٌ تشعر أنه وُجد قبلك، وسيبقى بعدك، تمامًا كأغنيةٍ عالقة في الزمن، لا تُذاع كثيرًا، لكنها لا تُنسى.
في الهلال، لا تتراكم البطولات كما تتراكم الكؤوس في الخزائن فقط، بل تتراكم معها اللحظات: دمعة سامي الجابر وهو يغادر، لمسة الشلهوب الساحرة، احتفال ياسر القحطاني وهو يركض كطفل، نظرة سالم الفرج حين يمرّر كرة يعرف تمامًا إلى أين ستصل.
هو نادٍ عرف كيف يُطوّع الاسم الكبير للعب الجميل، لا يتعامل مع المجد كغايةٍ فقط، بل كطريقة. لذلك حين يفوز الهلال يشعر محبّوه أنّهم انتصروا بالأناقة، لا بالقوة فقط.
الهلال هو قصة جيلٍ يتوارث الحكاية. من مدرجات ملعب الصايغ، إلى مقاعد مرسول بارك، إلى الملاعب الأخرى، من إذاعة الراديو، إلى تغريدات تويتر، من هدف بشار عبدالله، إلى هدف مالكوم، الهلال هو الامتداد، لا الفجوة. الحبل السرّي الذي يربط الحاضر بالماضي دون أن يشعر.
خصومه يرونه فريقًا مدللًا. محبّوه يعرفون أنه فريق لا يرضى بالقليل، ولا يتعامل مع الفوز كحظ، بل كعادة، كحقّ، كطبيعة لا تحتاج إلى شرح.
الهلال هو الفريق الذي إن لم يكن في القمة، فكل شيء يبدو مؤقتًا. كل بطولة لا يُشارك فيها ناقصة، كل لقاء قمة لا يكون طرفًا فيه، مجرّد مناسبة.
في زرقته شيء من البحر. لا تستقرّ، لكنها تأخذك. فيها عُمق لا تراه، لكنك تشعر به.
وفي اسمه شيء من السماء، مفتوح دائمًا على الاحتمالات، على المدى، على الصعود.
الهلال ليس كاملًا، لكنه يعرف عيوبه، ويعالجها بالعمل، لا بالضجيج. يسقط، لكنه لا يتقن البقاء في الأسفل، يغضب، لكنّه لا يصرخ في كل اتجاه، يردّ، غالبًا، بالصمت.. والبطولة.
هو نادٍ، نعم. لكنه، في حياة عشّاقه، فصلٌ من سيرةٍ شخصية، أقرب إلى الطمأنينة، وأبعد من التعصّب.
***
- بقلم: منيرة الرياضية