هادي بن شرجاب المحامض
لطالما كان المواطن السعودي حاضرًا وفاعلًا في المشهد الاستثماري الخليجي، سواء داخل المملكة أو خارجها. فمنذ أكثر من عشرين عامًا، كان للأفراد السعوديين دور بارز في إنجاح عدد من الاكتتابات الكبرى في دول مجلس التعاون، حيث حظيت اكتتابات مثل «دانة غاز» في الإمارات، و«صناعات قطر»و«بروة العقارية» في قطر، بإقبال واسع من المواطنين السعوديين، لما وفرته تلك الأسواق من تسهيلات مشجعة وجاذبة، بما في ذلك مرونة الإجراءات وزيادة نسب التخصيص.
وقد شهدت تلك الفترات مشاهد لا تُنسى، حيث امتلأت الفنادق الخليجية بالمكتتبين القادمين من المملكة، بل إن البعض اضطر للمبيت في الحدائق بسبب الازدحام، وهو ما يعكس حجم الثقة والرغبة في المشاركة الفاعلة من جانب المواطن السعودي في فرص الاستثمار الإقليمي.
وفي الوقت الراهن، ومع الزخم الذي يشهده السوق المالي السعودي من حيث الطروحات الجديدة والنمو في عدد الشركات المدرجة، برزت تساؤلات بين كثير من المواطنين حول نسب التخصيص في بعض الاكتتابات الأخيرة، لا سيما في الشركات ذات الطابع الخدمي أو الشعبي مثل «طيران ناس»، حيث لاحظ البعض أن تخصيص الأسهم للأفراد كان محدودًا نسبيًا مقارنة بتخصيص المؤسسات.
ومن منطلق الحرص على تعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق الشمول المالي، يمكن النظر في دراسة آليات التخصيص الحالية، بما يُوازن بين دور المؤسسات المالية المهمة، وبين تمكين المستثمر الفرد، خصوصًا في الطروحات التي تمثل قطاعات تمس حياة المواطن اليومية.
إن منح الأفراد فرصًا عادلة في الاكتتابات لا يُعد فقط تعزيزًا لدورهم في الاقتصاد الوطني، بل أيضًا خطوة عملية لتحسين مستوى الوعي المالي، وزيادة مستويات الادخار والاستثمار، بما ينعكس إيجابًا على جودة الحياة والمعيشة للمواطن.
والمؤمل أن تستمر هيئة السوق المالية، التي عُرفت بدورها التنظيمي والرقابي الرائد، في تطوير السياسات المرتبطة بالاكتتابات بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء سوق مالي متنوع وشامل، يُسهم فيه المواطن بدور أكبر وأكثر فاعلية.