الجزيرة - المحليات:
في وطنٍ تشكّلت فيه الحضارة على تخوم الصحراء.. وُلدت حكاية الماء من رحم التحدي .. إذ لم تكن وفرة المياه رفاهية .. بل كانت حلمًا يسير على صفيح الحاجة .. حتى بدأت المملكة رحلتها الطموحة نحو تحلية البحر وترويض العطش.
وفي كتابها الجديد «رحلة التحلية في المملكة العربية السعودية»، ترسم الهيئة السعودية للمياه ملامح ملحمة وطنية، تحوّلت فيها فكرة تحلية البحر إلى منظومة عالمية تنبض بالابتكار ويقودها الإصرار وتُتوج برؤية تروي المستقبل.
لتوثق الهيئة الخطى التي بدأت ببئر في قلب الرياض .. واستمرت بخط زمني من الإبداع والتمكين .. حتى أصبحت المملكة اليوم من أكبر منتجي المياه المحلاة في العالم.
واستعرض كتاب « رحلة التحلية في المملكة العربية السعودية» المسيرة التاريخية لصناعة تحلية المياه والتحولات الكبرى التي مرت بها منذ بداياتها وحتى مرحلة تحقيق الريادة العالمية ، كما وثق ما تحقق من إنجازات في قطاع المياه بفضل وتوفيق من الله ثم بالدعم والتمكين والرعاية المستمرة التي توليها الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - ، مما ينعكس أثره على جهود تعزيز الاستدامة المائية والبيئية وتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية السعودية 2030.
اشتمل الكتاب على مقدمة أعدتها دارة الملك عبد العزيز تناولت لمحة تاريخية حول إدراك أئمة الدولة السعودية الأولى والثانية أهمية توفير المياه بتهيئة الآبار وحفر المزيد منها، ومحاولة بعضهم جلب آلات حديثة لاستخراجه من جوف الأرض ، وعندما استرد الملك عبد العزيز الرياض كان من أهدافه توفير المياه بحفر مزيد من الآبار وتوفير الوسائل المعينة كافة لاستخراجه ، مدركاً - رحمه الله - أهميته في بناء حضارة الدول وبقاء الإنسان على ديمومة الحياة وإسهامه في ازدهار وطنه ورقيه.
وأوردت مقدمة الكتاب أن عام 1384 هـ / 1964 م شهد طرح أفكار كثيرة لإيجاد حل دائم ومستمر للمياه في المملكة ، بعد أن تحولت إلى دولة تنبض فيها الحياة في كل أرجائها ونمت فيها المصانع والمشاريع وتمددت المدن والقرى وأصبحت بيئة جاذبة لك دول العالم ، فكانت الحلول المطروحة كثيرة ، والمقترحات متعددة ، وكان من بينها فكرة تقوم على تحلية مياه البحار ، وكان من مبرراتها وقوع بلادنا بين موردي ماء كبيرين هما الخليج العربي والبحر الأحمر إذ يمكن الاستفادة منهما في نهضة الصناعة والزراعة ومقومات الحياة كافة.
وانطلق تنفيذ الفكرة من خلال مكتب في وزارة الزراعة والمياه يحمل اسم «تحلية المياه المالحة» وكان يرأسه صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل لكفاءته وأبحاثه المتعلقة بمجال تحلية مياه البحر مع أن الأفكار مازالت تطرح لحل مشكلة نقص المياه في المملكة ، فسار المكتب في تنفيذ تلك الفكرة وتحويلها إلى أرض الواقع ، فأسست منظومات لتحلية المياه ، وانتشرت شبكات المياه لتغطي المدن الكبرى ، ولم يمر عقدان حتى تحولت الفكرة إلى مشروع عملاق أثار الإعجاب بما حققه في سبيل توصيل المياه إلى مزرعة في بطن وادٍ أو بيت على سفح جبل أو إلى هجرة ضاربة في كبد الصحراء، فكان الإنجاز عظيماً والنجاح كبيراً وتحول ذلك المكتب إلى المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة التي تملك منظومات متعددة.
تضمن الكتاب الخط الزمني لأبرز الأحداث في المؤسسة وإنجازاتها وجهود الملوك في توفير المياه ، والأبحاث والتطوير والتطور المؤسسي والتحول الرقمي ودور المؤسسة التنموي في المملكة ، والمؤسسة ورؤية السعودية 2030.