م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - حينما نتعرض لاضطراب مفاجئ في مشاعرنا تجاه حدث أو شخص أو شيء ما، فإما أن ننساق خلف هذا الاضطراب في المشاعر بلا تفكير، أو نتوقف ونتساءل عنه ونحاكمه بعقلانية تجعلنا نتحكم به لا أن تتحكم بنا.. وفي مرحلة التساؤل تلك يُفْترض أن ننتقل في أسئلتنا من الطرف إلى الطرف، أي أن نتواضع ولا ننزه أنفسنا ولا نعطي عقولنا ومشاعرنا وعقدنا النفسية مكانة أو قدراً أكبر مما تستحق، فنبدأ بالأسئلة المشككة التي تفترض النقص والقصور، ثم ننتهي بالأسئلة الواثقة التي ترى الاتزان والفهم العميق لحركة المشاعر هذه.
2 - انطلاقاً من الفرضية التي أسسنا لها في الفقرة الأولى، سيكون مجال التساؤلات التالي: هل اضطراب مشاعرنا ناجم عن عقدة نفسية لم نفطن إليها؟ وهل تفاعلنا مع اضطراب مشاعرنا كان جيداً، أم أن أفكارنا المشوهة، أو مشاعرنا الجياشة أدت لردة فعل مبالغ فيها؟ وهل زادت تلك الاستجابة في مشاعر السخط لدينا أم هدأتنا؟ ولماذا؟
3 - ما الذي أثار وحفز ذلك الانفعال المضطرب، هل هو مصدر خارجي كتعرضنا للإقصاء، أو الإهمال، أو القهر، أو الأذى اللفظي أو السلوكي، أم أن المصدر داخلي كفشلنا في إنجاز عمل ما؟ بمعنى لا بد من تحديد المحفز الذي هيج تلك المشاعر وجعلها تضطرب.
4 - ما هو الشعور الذي اعترانا؟ وما هي طبيعته؟ وما هي الأحاسيس التي انتابتنا جراء ذلك؟ وهل هي موجهة للنفس أم للآخرين؟ وما هي طبيعة تلك المشاعر، هل هي الخوف، أم الغضب، أم الخزي، أم عدم المبالاة والرغبة بالانسحاب؟
5 - ما هي الأفكار التي خلقها اضطراب مشاعرنا؟ هل هي أفكار هجومية أم دفاعية؟ هل هي أفكار قلقة متوجسة، أم ضبابية غير واضحة؟ هل تلك الأفكار تدعو للتحرك الفوري أم إلى التخطيط والهدوء والروية؟ هل موضوع تلك الأفكار هو أنفسنا أم عملنا أم أشخاص نهتم بهم، أم هو الآخر الذي تحس تجاهه بمشاعر عدائية؟
6 - ما هي السلوكيات - من أفعال أو أقوال - التي كنت ستفعلها أو فعلتها بشكل تلقائي آلي بلا تفكير في تلك الحالة، وما هو تقييمك لها لو كنت قد فعلتها في حينه؟ وما هو تقييمك لها الآن وقد تريثت للتفكير في الموضوع؟ وما هو الأمر الذي ستتحاشى فعله بعد ذلك التريث؟
7 - ما هي الأسباب الفعلية التي أحدثت ذلك الاضطراب في المشاعر لدينا؟ هل هي أسباب حقيقية أم ظنية قد تكون متوهمة؟ وهل ثورة تلك المشاعر مرتبطة بتجارب عشناها في طفولتنا، والآن تطل برأسها وقد أيقظها ذلك السبب من مرقدها؟
8 - والآن ما هو التصرف السليم الذي يجب اتخاذه كردة فعل لما حدث لتهدئة مشاعرنا المضطربة؟ وما هي قدرتنا البدنية والذهنية على القيام بذلك؟ وما هي المخاوف والتبعات المحتملة لفعل ذلك؟ وما هي المصالح أو المضار المستقبلية التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك، وهل الحل هو الانسحاب والتهدئة ومحاولة النسيان أم المواجهة وقطع الشك باليقين؟
9 - تلك الأسئلة تمنحنا القدرة على رؤية القضية بكل أبعادها ومن كل زواياها واحتمالاتها، وترسم لنا طريقة التفكير الصحيحة للتعامل مع شعورنا المضطرب.. ربما لن تكون الرسمة بذلك الوضوح لكنها حتماً سوف تقلص الاحتمالات الخاطئة وبشكل كبير، وهذا سوف يوفر الجهد والوقت وربما المال للتعامل مع القضية برمتها.
10 - إن إجابة كل - أو لنقل معظم - تلك الأسئلة سوف يوسع من دائرة رؤيتنا ومنظورنا للأمر، وطرح الخيارات المتاحة على الورق، وهذا سوف يحررنا من الارتهان للقيود الذهنية التي تتحكم بها عُقَدٌ مدفونة في عقلنا الباطن منذ مراحلنا العمرية الأولى، فنظل أسرى لتلك الأوهام فلا نرى الحلول المتاحة بل الحدود الموضوعة في أذهاننا.
11 - وسط مشاعرنا وانفعالاتنا المضطربة تعمى أحياناً بصائرنا، حيث نكون حينها وسط فورة عاطفية جياشة، وإجابة تلك الأسئلة تحدد لنا ما يجب أن نتذكره ونضعه في الاعتبار حينما نفكر في الأمر.. فتلك الأسئلة تحرك العقل وتوجهه الاتجاه الصحيح، لأننا سوف نرى المشكلة أمامنا بكل تفاصيلها وليست فقط مشاعر وأحاسيس وانفعالات طائشة تضطرب داخل عقولنا، فلا نقع ضحايا للوهم وإلقاء اللوم على الآخرين، أو الدفاع والتبرير للهروب من القضية دون حلها.