اكتب هنا عن بعض جوانب بسيطة كانت في حياة أبي ووالدي عبدالرحمن بن صالح بن محمد الشثري (أبو هشام) -رحمه الله - والذي انتقل الي جوار ربه بعد صلاة الجمعة يوم 16 محرم 1447هـ في بداية الثمانين من عمره بعد صبر طويل ومعاناة مع عدة أمراض جعلته ملازماً للسرير في البيت أوفي المستشفى آخر سني عمره.
(بعد وفاة والده ثم والدته)..
عاش في كنف أعمامه تارة ولدى أخواله تارة أخرى، وقدموا له الرعاية والحب والاهتمام.. ولكن بقي يتيماً فحين يختلف مع من هم في عمره لا يدافع عن حقه أحد ولا يطبطب عليه، وكانت ظروف الحياة قاسية وصعبة في تلك الفترة ولا يوجد جمعيات لحقوق الأطفال أو الأيتام.
وهذا ليس تقصيراً من أهله أو أعمامه أو أخواله ولكن يظل وجود الأب والأم أو الأخ أو الأخت في حياة الإنسان لا يعوضه أحد.. ومع هذا كله فقد كان نبعاً للحنان ومصدراً للأمان و مصدراً للسعادة.. وهو لم يكن لديه شيء من ذلك.
(فاقد الشيء لا يعطيه) ..
هذه الجملة توقفت عند أبي.. ولكل قاعدة استثناء .. فهو الذي أعطى من حيث لا يملك، و أعطى لمن لا يعرف قبل الذي يعرف، أعطى حباً و أعطى اهتماماً و أعطى حناناً .. وهو الذي لم يشعر بهذا كله في حياته، فهو من عاش أكثر من ستة عقود من عمره يتيم الأب والأم بلا أخ ولا أخت.. أعطى مالاً ولو لم يكن كله من ماله.. بل حتى الذين ينفقون من أموالهم أعطاهم دروباً للإنفاق في عمل الخير.. وساعد المحتاج و المضطر بكل ما يملك من وقت أو معرفة أو معلومة أو مال أو جاه أو نصيحة.
(صنع مجده بنفسه) ..
لم يرث مالاً ولا بيتاً ولا أرضاً، وعندما اشتد عوده في كنف أعمامه وأخواله وأصبح رجلاً استطاع أن يبني نفسه و يعلمها و اهتم بالثقافة و القراءة والاطلاع حتى أكمل الدراسة الثانوية و لم يستطع إكمال الجامعة لحاجته للعمل للصرف على نفسه، ولكن كانت شهاداته في الحياة أعلى من كل شهادات جامعات العالم حيث بدأ مسيرته كمراسل صحفي ثم محرراً ثم تعين في الحرس الوطني وتسلسل في الوظائف حتى أصبح مديراً عاماً للعلاقات العامة في الحرس الوطني و أول رئيس تحرير لمجلة الحرس الوطني التي ظل يرأس تحريرها 15 عاماً حتى ترجل عن جواد الصحافة بسبب بداية المتاعب الصحية والتي لا تكفي هذه السطور لذكرها (أسأل الله أن يكتب كل ما أصابه في ميزان حسناته).
(حياته مع أسرته) ..
هذا اليتيم الوحيد.. تزوج من إحدى بنات عمه (والدتي الغالية حصة بنت عبدالله بن عبدالرحمن الشثري -حفظها الله ورعاها-) وكون أسرة و أنجب أبناءه (هشام و فيصل وسعود وماجد وطلال) وبناته (مشاعل وفوزية وحورية والجوهرة) و زوجهم و وزوج أبناءهم وفرح بأحفاده و بأحفاد أبنائه.. تربيته كانت صارمة في الأخلاق والعبادات و العلم، وكان يحب الالتزام في المواعيد حباً جماً لا يعجبه التأخر أوعدم الاعتذار عند عدم القدرة أو الإهمال.
يحب الاعتدال في الملبس وفي الشكل وفي الألفاظ، كان حليماً كاتماً للغيظ فيما يخصه و صارماً وجهورياً صادحاً حينما يكون الأمر يتعلق بعباده أو خُلُق أو حق للآخرين.
أشهد بالله أنه ربّاني أنا وإخواني وأخواتي على عزة النفس وعلى التواضع وعلى حب مساعدة الآخرين والسعي في قضاء حوائجهم وعلى تحمل المسؤولية منذ الصغر، وكان يوكل لي أنا وإخوتي مهام أكبر من اعمارنا، وكان يتابعنا ويحملنا مسؤولية نجاح تلك المهام ويحاسبنا على التقصير فيها، وكأننا في أعمار المكلفين وذلك ليصنع رجالاً يعتمدون على أنفسهم في المستقبل.
(الولاء والمسؤولية)..
عرفه الملوك و عمل معهم، فقد كان قريباً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بحكم عمله في الحرس الوطني لسنوات طويلة وله معه قصص وحكايات كثيرة.. لا تتسع هذه الأسطر لذكرها، كما عرفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حيث كان قريباً منه بحكم حب سيدي الملك سلمان لأعمال الخير.. حيث اقترح عليه الوالد -رحمه الله- تأسيس جمعية خيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي والتي رعاها حفظه الله - وما زال.. و وجه أن يرأس مجلس إدارتها ثلاثة من أبنائه على التوالي لاهتمامه وحرصه بالجمعية وكان الوالد نائباً لرئيس مجلس إداراتها.
يعرفه الأمراء وأصحاب المناصب العليا من وزراء أو قادة مدنيين أو عسكريين لكثرة تردده عليهم ليقضي حوائج الناس من الضعفاء والبسطاء من الأقارب أو المعارف وفيه أوقات لناس لا يعرفهم بل جمعته معهم صدفة أو غرفة انتظار في مستشفى أو في جلسة من جلسات غسيل الكلى عندما حصل معه فشل كلوي.
يعرفه الفقراء والمرضى والبسطاء من كثرة ما يبحث عنهم ويسعى لهم في تخليص حاجاتهم، ولم يكن يحب أن يذكر هو أو غيره ما يقوم من أعمال خيرية.
يعرفه المثقفون والأدباء ممن زاملوه في الدراسة أو العمل أو ممن سمعوا عن صالونه اليومي والذي أصبح أسبوعيا ثم أصبح شهرياً (بحسب حالته الصحية) والذي كان يعقده بعد صلاة المغرب في بيته كل يوم على مدار سنوات طوال.. وكانت جلسات أشبه بندوات يومية يحضرها النُخب والعامة والكبار والصغار يتبادلون فيها أحاديث كثيرة عن أمور الساعة في المجتمع بلا ورقة عمل أو تحضير، وكان هذا من سماتها المحببة التي ترغب الناس في حضورها، وكان إذا لاحظ غياب بعض عنها أكثر من مرة اتصل و سأل عنهم واطمأن على أحوالهم.
(التواضع الجم)..
يعرفه العمال والمستخدمون في محلات الخدمات العامة حيث لم يكن يدخل عاملاً لبيته لتقديم خدمة (سباكة أو كهرباء أو زراعة أو غيرها..) إلا ويعامله بلطف ويناقشه في همومه و يسأله عن أحواله و عن أسرته وأبنائه ولا يغادره إلا وهو راضياً يعاملهم بلطف وحنان يشعر به البسطاء أكثر لأنه يعرف كيف يصل إلى قلوبهم.
حتى أطباؤه و ممرضوه على كثرتهم وكثرة تخصصاتهم واختلاف مستشفياتهم يعرفونه ليس بسبب كثرة مراجعاته لهم فقط بل لأنه يخلق بينه وبينهم علاقة ود
وصداقة و يدعوهم لبيته و يسأل عنهم في غير أوقات مواعيده لديهم ويهتم بهم ويُشعرهم بأن علاقته بهم ليست علاقة مريض بطبيبه بل أكثر من ذلك.
(صلة الرحم بصمت وعلانية)..
لم يكن عميداً للعائلة ولم يكن يحب أن يعامل على هذا الأساس، ولكنه كان إن صح المسمى أصبح (مديراً للعائلة) بدون تعيين، كان لا يغيب عن عزاء لقريب أو صديق ولا عن أفراحهم، وكان يحض الشباب على الزواج ويعينهم عليه.. وكان يحضر المناسبات التي يُدعى لها، و كان يصل الرحم بمناسبة أو غير مناسبة، وكان يُصلح بين المتخاصمين، ويسخر وقته وجهده حتى يُصلح بين من كان بينهم وقفة نفس أو خلاف مادي أو أسري أو غيره مما يحصل بين الكثير من أمور الدنيا.. كما كان مرسال الخير بين فقراء العائلة وبين من أنعم الله عليهم بالخير، وكان دائم السعي في أن يكون لذوي القربى النصيب الأكبر من الصدقات أو الزكاة أو المساعدات العينية.
وكان إذا حضر مناسبة زواج أو عزاء أو غيرها يهتم بالسلام على الصغار كاهتمامه بالسلام على الكبار ويسأل الأطفال عن أسمائهم ومستوياتهم في الدراسة ويمازحهم ويلاطفهم.
سعى واجتهد واجتمع مع الكثيرين من كبار العائلة وشبابها حتى تم تأسيس أول صندوق تعاوني خيري لأسرة الشثري عام 1413 هـ و تابع أعماله وسعى حتى حصل على الترخيص الحكومي الرسمي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (آنذاك) وفتح حسابا رسميا في البنك لجمع تبرعات واشتراكات أفراد الأسرة للقيام بالأعمال المطلوبة من الصندوق من برامج و مساعدات وديات وخلافه.. وكان ملاذاً لأبناء العائلة و يساعدهم في الحصول على وظائف أو نقل أو حل مشكلة في أعمالهم.
وكان له علاقة خاصة وخاصة جداً مع ابن عمه الشيخ ناصر أبو حبيب الشثري (رحمهم الله وجمعنا بهم في جنات النعيم) فكان الشيخ ناصر يثق فيه ويعتبره أحد أبنائه ويستشيره فيما يخص أمور الأسرة ويسأله عنهم بحكم تواصله المستمر معهم، وكان والدي سفير البعيدين من الأسرة أو المحتاجين لدى الشيخ ناصر ويسعى لديه لمساعدتهم مادياً أو معنوياً..وكان والدي يتصل به في أوقات كثيرة ويعطيه أخبار العائلة وما هو جديدها.. و إذا ذكر له الوالد أن هذه الليلة يوجد فيها زواج لأحد أبناء الحمولة أو هناك عزاء يتفق معه أن يصلوا المغرب أو العشاء معاً و يتوجهوا سوياً لحضور المناسبة سواء زواجا أو عزاء، مما يكون له الأثر الكبير لدى أصحاب المناسبة ويشعرون بحرص واهتمام كبارهم بهم.
(وفاؤه لمسقط رأسه)..
كان معتزاً بانتمائه لمحافظة حوطة بني تميم التي ولد فيها، ومنذ أن كان شاباً اجتهد في المطالبة بما تحتاجه محافظة الحوطة من خدمات أو مستشفى أو مدرسة.. حيث سعى في افتتاح مدارس البنات و شارك في تأسيس أول ناد رياضي في الحوطة (نادي الأنوار) وسعى في تأسيس المكتبة العامة في الحوطة
وحث أحد أبناء عمومته خالد بن صالح الشثري؛ للتبرع لإعادة بناء جامع الحوطة الكبير في وسط المحافظة وغيرها من المساهمات.. وكان محباً لها ولا ينقطع عن زيارتها والسؤال عن كبار السن فيها من رجال ونساء وله مواقف إنسانية كثيرة مع أبناء المحافظة ممن يعرف وممن لا يعرف.
(الفكاهة والمزح والجدية)..
كان ذا حضور مميز في المجالس بشوشاً مبتسماً، وكان يحب أن يمازح الصغار والكبار ويحفظ لهم مواقف سابقة ويذكرهم بها ليكسر الحواجز ويقربهم منه.
(حبه لعمل الخير)..
كان يثق فيه كثير من أثرياء العائلة و يعلمون بمعرفته بالمحتاجين فعلاً من أبناء العائلة لذا كانوا يطلبون منه قوائم وأسماء الفقراء والمحتاجين من العائلة لمساعدتهم حتى إنهم أصبحوا يعطونه الأموال من دون تخصيص ليقوم هو بتخصيص المبالغ بمعرفته وتحديد المحتاجين والأشد حاجة لإعطائهم الأولوية.
(أمراضه ومتاعبه)..
عانى والدي -رحمه الله- من منتصف عمره من مرض ارتفاع الضغط والذي كان سبباً بعد ذلك في آثار أخرى حصلت له؛ حيث حصل له فشل كلوي اضطر من خلاله إلى الحاجة لثلاث جلسات أسبوعية لغسيل الكلى على مدار أكثر من عام (والآلام ومتاعب الغسيل لا يعلم بها إلا من عانى منها) و بعد ذلك أجرى عملية زراعة كلى من متبرع متوفى دماغياً.. والحمدلله استقرت حالته إلا أن ذلك لم يدم طويلاً حيث تعرض لانسداد في الشريان الأورطي في الرقبة وهو المغذي الرئيسي للدم من القلب إلى المخ.. وبعدها أجرى عملية قلب مفتوح لتغيير ستة شرايين مؤدية للقلب تم زراعتها من شرايين الساق.. وبعدها استمرت لديه مشاكل وأعراض صحية أخرى دعته لمراجعة الأطباء بشكل أسبوعي مرة أو مرتين.
(مرضه الأخير ووفاته) ..
توفي بعد صلاة يوم الجمعة وتحديداً الساعه 1.41 ظهر يوم 16 محرم 1447 هـ في غرفة (9) في مبرة فهدة بنت العاصي بن شريم للعناية المركزة بمستشفى الحرس الوطني والتي قضى فيها آخر (ستة أشهر) من حياته كانت من الأصعب صحياً عليه و الأقسى نفسياً على والدتي وعلي أنا وإخواني وأخواتي وكانت صحته في تدهور تدريجي، وكان كل يوم يختلف عن اليوم الدي يسبقه من ناحية نزول المؤشرات والأخبار غير المبشرة بعد كل اجتماع مع الأطباء (والحمد لله على كل حال) وكان صابراً محتسباً لا يعبر عن ألم ولا نعلم ما يشعر به، وكان وعيه معه حتى آخر 3 أيام تقريباً من حياته حيث رأى الاطباء أن يعطوه البنج لكي يخفف الآلام التي يشعر بها حيث توقفت الكلى أولاً ثم الكبد و سبقتهم الرئة، وبدأ جسمه لا يصرف السوائل وكان كل هذا وهو أمام أعيننا نراه ولا بأيدينا إلا الدعاء، و دموع تنهمر من الأسى والحزن (أسأل الله في جلاله) أن يجعل كل ما أصابه رفعة له في الجنة وطهوراً وتكفيراً للذنوب.
بعدما صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها وتلقينا الخبر وآمنا بقضاء الله وقدره طلب منا الدكاترة أن نخرج من غرفة العناية المركزة ليبدأوا في تجهيزه وفك الأجهزة المربوطة فيه استعداداً لنقله للثلاجة.. وقد بقوا داخل الغرفة حوالي أكثر من ساعة لكثرة الأجهزة والأنابيب فيه و لكثرة الجروح التي يجب عليهم تغطيتها أو إقفالها مما تطلب منهم وقتاً طويلاً وهذا يدل على ماكان يعانيه رحمه الله في حياته.
(أثره بعد وفاته)..
منذ اللحظة الأولى على فاجعتنا فيه وانتشار خبر وفاته في كل منصات التواصل الاجتماعي وبدأت تنهمر علينا الاتصالات والرسائل ممن يريد التأكد من الخبر
و ممن يعزي وممن يدعو له وممن لا يصدق.
وجاء يوم تشييعه حيث تمت الصلاة عليه بعد صلاة عصر يوم السبت 17 محرم 1447هـ في جامع الملك خالد بالرياض والذي كان بشهادة القريبين والبعيدين ممتلئا حتى آخره، وقد كنت أنا وإخواني في الصف الأول نتلقى التعازي من المعزين -لا حرمهم الله الأجر- ولم نعلم كم جنازة سيصلى عليها في تلك الصلاة وكم عائلة غيرنا لديهم عزاء في المسجد.. وحين همّ الإمام للتكبير لصلاة الميت وقبل أن يكبر التكبيرة الأولى؛ أعلن عن أعداد وجنس المصلى عليهم حيث يقال في العادة ( الصلاة على الأموات ثم يقول مثلاً 3 رجال و امرأتين و طفلين كمثال) ولكن تفاجأنا بأنه قال الجملة التالية: الصلاة على الأموات و سكت ثم قال (رجل) و والله إنني أجهشت بالبكاء قبل التكبيرة الأولى حيث علمت أن هذا الجامع الكبير امتلأ عن بكرة أبيه للصلاة على الوالد رحمه الله.. وحضر الصلاة أمراء و وزراء وأصحاب المعالي وفضيلة وكبار سن وصغار وسعوديين ومقيمين وغير ذلك كثير.. والحمدلله الذي جمع كل هذا الجمع للصلاة عليه والدعاء له.
(الجمع للصلاة عليه والدعاء له)..
ثم اكتظت مقبرة (عرقة) بالمشيعين ممن لم يتمكنوا من تقديم العزاء لنا في المسجد بسبب الزحمة.. ثم جاء وقت استقبال المعزين في منزله رحمه الله.. والحمدلله الذي أعطاه هذه المحبة لدى الناس حيث من أول يوم اكتظت حارتنا بالسيارات وامتلأ منزلنا بالمعزين من الرجال والنساء ممن حضروا من مدينة الرياض ومن خارجها والذين كانوا يدعون له منذ دخولهم وحتى مغادرتهم جزاهم الله خيراً ولا حرمهم الأجر.
(أصدقاء أبي وأخلاؤه)
كان لوالدي -رحمه الله- طيلة حياته الكثير من الأقارب المقربين والأصدقاء والأحبة والزملاء منهم من سبقه إلى الرفيق الأعلى رحمهم الله جميعاً ولا يسعني ذكرهم جميعاً، أحبهم وكانوا يحبونه، ومنهم من هم معنا أطال الله أعمارهم وكانوا مرة يعزوننا ومرة نعزيهم هم في وفاته -رحمه الله-، وهؤلاء أقول لهم جميعاً إن والدي أحبكم كما أحببتموه و إن شاءالله إننا على عهده بكم سنظل محبين لكم وسنصلكم براً به و وفاء لعهده معكم؛ العهد غير المكتوب المبني على المحبة والود والصدق.
(والدتي وإخواني
وأخواتي وأبناءهم)..
أسأل الله عز وجل أن يعظم أجر والدتي وإخواني وأخواتي وأبناءهم وبناتهم، وأن يكتب أجرهم في برهم به وملازمتهم له حتى توفي بين أيديهم مودعاً هذه الدنيا الفانية والتي قدم فيها دروساً وحكماً وتجارب وعانى فيها طفلاً وشاباً وكهلاً ولكنه ختم حياته بما يحلم به كل مسلم (توفي إن شاء الله مسلماً موحداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسوله قائماً بصلاته مؤدياً لزكاته صائماً فرضه ومؤمناً بقضائه خيره وشره) ولا أزكيه على الله.
والدتي وإخواني وأخواتي.. أبشروا بالخير للوالد -رحمه الله- فالكل يدعو له و نحسبه عند الله من الصالحين الصابرين المحتسبين على ما ابتلاه الله.. وأوصيكم ونفسي بأن نكون كما في حياته يداً واحدة لا تفرقنا الظروف ولا تشغلنا الدنيا عن محبتنا وإخلاصنا لبعض وأن نبعد الشيطان فيما بيننا وأن نؤثر على أنفسنا وأن نكون سنداً و ذخراً لوالدتنا -أطال الله في عمرها على صحة وعافية- و أن نكون جداراً منيعاً على تقلبات الحياة وظروفها لنسطر بذلك أروع صور البر في الوالد، وأن نكون ثمرة وخلفاً صالحاً فيه -رحمه الله- كما ربانا وتعب في تربيتنا، وأن نأخذ خصاله الحميدة من طيب وكرم وفزعة وتسامح ومساعدة للآخرين وصلة رحم).
اللهم إنه أدى أمانته فينا ورعانا وعلمنا وأطعمنا وأسكننا وأعاننا ورفه عنا وزرع فينا القيم والأخلاق والدين وأنشأنا النشأة الحسنة، اللهم إنه أبرأ ذمته فينا، اللهم حلله وأبحه وأجزه عنا خير الجزاء.. اللهم جازه برحمتك لا بأعماله، واغفرله وتجاوز عنه وتقبل دعاء المسلمين والأطفال له يا رب العالمين.
بعد هذا أقول: إن أبي -رحمه الله- كان استثناء من القواعد والحكم والأمثال.. وأقول في الختام ( إن الفتى من قال ذاك أبي -عبدالرحمن- ليس الفتى من قال هذا أنا).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
** **
- العميد/ سعود بن عبدالرحمن بن صالح الشثري