هادي بن شرجاب المحامض
في قلب نجران، وعلى أرض استراتيجية مملوكة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تقبع مساحـة واسعة بقيت بلا بناء منذ ما يقارب الثلاثين عامًا، وهي أرض خُصصت لمشروع جامعي لم يُنفّذ، ولم يُوضع عليها حجر واحد، رغم مرور عقود من التعليق والانتظار.
في المقابل، تضم نجران مدينة جامعية متكاملة هي جامعة نجران، تؤدي دورها بكفاءة، وتستقبل آلاف الطلاب والطالبات سنويًا، فالحاجة لفرع جامعي إضافي باتت محدودة، إن لم تكن منعدمة، بينما الأولويات الملحّة اليوم تتعلق بالخدمات العدلية، والصحية، والإدارية، التي تمس حياة الناس يوميًا. نحتاج إلى قرار جريء يعيد لهذه الأرض دورها الحقيقي، وأول ما يمكن تنفيذه في هذا الموقع الحيوي مجمع عدلي متكامل يضم المحاكم الشرعية والدوائر القضائية والإدارية في بيئة موحدة.
حاليًا، تعاني المحاكم من تشتت المقرات وضيق المساحات، مما يُعقّد الإجراءات ويُتعب المراجعين، وجود مجمع موحد يسهم في تسهيل العمل العدلي، ويحقق الخصوصية والخدمة للمواطن والمواطنة، ويرتقي بجودة الخدمة العدلية.
وفي الجانب الصحي، فإن نجران بحاجة ماسّة إلى مستشفى تخصصي حديث يواجه العجز القائم في خدمات القلب، والأورام، والعناية المركزة، والعيون، فكثير من المرضى يُضطرون للسفر لمناطق أخرى طلبًا للعلاج، وهو أمر مرهق ومكلف إنسانيًا وماليًا. الأرض الحالية تمثل فرصة مثالية لإنشاء مركز طبي مرجعي يخدم المنطقة ويخفف الضغط عن المستشفيات القائمة في المنطقة والمناطق الأخرى.
الأمر لا يتوقف هنا، فعدد من الوزارات الخدمية لا تزال تعمل في مقرات مستأجرة، منها فرع وزارة الصحة، وهو ما يُعد هدرًا ماليًا كبيرًا للدولة، تخصيص هذه الأرض لتكون مقرًا رسميًا لفرع وزارة الصحة أو غيرها من الوزارات سيحقق وفرًا ماليًا دائمًا، ويوفر بيئة عمل منظمة وأكثر إنتاجية.
كما يمكن استغلال الموقع لتطوير مشاريع تنموية إضافية مثل:
مجمع سكني مخصص للأرامل والأيتام وذوي الدخل المحدود أو مقر لفروع خدمية تسهّل على المواطنين خدماتهم دون الحاجة للتنقل بين المحافظات استمرار احتجاز الأرض باسم مشروع جامعي لم يُنفّذ هو تعطيل غير مبرر لأصل حكومي مهم، ومع توجّه الدولة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نحو استثمار كل الإمكانات وتعظيم الفائدة من الأصول غير المستخدمة، فإن إعادة تخصيص هذه الأرض بات ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل.
نحن بحاجة أن تُحوّل هذا الأرض الميتة إلى منشآت نابضة بالحياة.