هادي بن شرجاب المحامض
خلال أقل من شهر برزت قصتان في السوق، الأولى في أمريكا والأخرى هنا تكشفان كيف يسقط مشروع ناجح بسبب غلطة واحدة.
القصة الأولى بدأت في مقهى أمريكي. الإدارة استدعت مؤثرة بسيطة للترويج له ضمن حملة دعائية. أثناء زيارتها، واجهت سلوكًا متعجرفًا من الشيف الرئيسي، احتقرها لأنها لا تملك عدد متابعين كبيرا.
لم تكن المشكلة في الاستقبال فقط، بل في مكابرته حين انتشر المقطع وتحول لقضية رأي عام. الجمهور بدأ يبحث، وظهر أن الشيف يدّعي الفوز بجائزة عالمية، بينما الحقيقة أنه مجرد مرشح. مع تزايد الضغوط، اضطر للاعتراف وتم طرده. المقهى أغلق مؤقتًا وسط أزمة ثقة لا تعالجها ملايين الإعلانات.
القصة الثانية حصلت عندنا. موظف سعودي نشر فيديو يكشف فيه تمييزًا واضحًا داخل جهة عمله. بدل أن يكون هناك توضيح أو اعتذار، جاء الرد بشكل متعالٍ ومصطنع. الإعلان بدا تافهًا والبيان الذي تبعه كان غامضًا وباردًا، وكأن من صاغه لم يفهم الناس ولا مشاعرهم.
الناس ما سكتوا، صاروا ينبشون، وبدأت تتكشف مواقف قديمة وتفاصيل كانت مخفية. الحسابات أُغلقت، الحملة توقفت، والثقة ضاعت.
هاتان القصتان توضحان ثلاث حقائق:
o المستهلك البسيط هو من يقرر نجاحك أو سقوطك. الإعلانات ما تنفع إذا فقدت احترام الناس.
o الأزمات ما تُحل بذكاء اصطناعي أو بيانات باردة. تُحل بحسّ بشري وفهم عميق لمشاعر جمهورك.
o الجمهور اليوم ذكي وواعٍ، خصوصًا جمهورنا. لا تضحك عليه بشعار، بل أظهر احترامك له في كل تفصيل: من طريقة التعامل، إلى من تقوده وتوظفه، إلى كيف تسوّق لنفسك.
المشاريع ما تنهار لأن السوق صعب، بل تنهار من الداخل. من لحظة تعالٍ، أو قرار مرتجل، أو استهانة بمشاعر الناس.
السوق ما يرحم، لكنه ينصف من يفهم جمهوره.