محمد بن عبدالله آل شملان
السعي السعودي المستمر في اتجاه ريادة الذكاء الاصطناعي أصبح بارزا يسيرا على ثوابت وخطط انسيابية وعمل وطني متقن، كجزء من عملية عامة لاستشراف المستقبل عبر شمولية الرؤية وتنوع التطبيق وسرعة التنفيذ وتعدد المسارات، وهو ما يماثل توجهه الماضي نحو الفضاء الذي نفذه بكل نجاح وتفوق، وسجل منجزات عديدة خلال مدة زمنية قليلة.
اليوم وصل وطننا الحبيب «المملكة العربية السعودية» إلى قناعة تامة في تعامله مع الذكاء الاصطناعي كمنهج تفكير وثقافة حياتية ومعرفية يجب تنشئتها مبكراً، وهو ما أبرزه القرار الأخير بفرضه منهجاً دراسياً متكاملاً في هذا التخصص، يُدرَّس في جميع مراحل التعليم العام بدءاً من العام الدراسي القادم 2025 - 2026م، إلى جانب البرامج ذات التخصص التي دشنتها الجامعات في مراحل ماضية وأنتجن استقطاب الطلاب في جميع المسارات.
هذه الجرأة والعزيمة التي لم تكن مسبوقة في دمج الذكاء الاصطناعي كمكوّن أساسي في العملية التعليمية عبر مسار التعليم العام، تعدّ خطوة جريئة بصوت المستقبل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وخاصة أن ذلك يتكامل ويتضامن مع اتجاهات أخرى كتهيئة بيئة تعليمية شاملة يرفد الذكاء الاصطناعي، بداية من تطوير المناهج، مروراً ببناء الطواقم التعليمية، وانتهاء إلى الاستثمار في اتجاه البنية التحتية الذكية وميل قيادتنا الرشيدة - أعزها الله - نحو بناء شراكات دولية وحجز مقعد سابق في هذا المجال الواعد عبر نشاط لا يكل ولا يمل.
تم تنظيم النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في 2024م بحضور أكثر من 456 متحدثاً من الخبراء والمختصين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي من أكثر من 100 دولة، والتي تعد واحدة من أهم القمم التي ينتظرها المختصون في الذكاء الاصطناعي وقادة الفكر والابتكار ورؤساء كبرى الشركات التقنية وصناع السياسات الاقتصادية في العالم، بل أصبحت محط أنظار المراقبين في مختلف أنحاء العالم، من خلال العمل على تكاتف الجهود الدولية وتوحيد الرؤى تجاه مفهوم استخدام هذه التقنيات وضبط استخداماتها لتصبح ساعد بناء للمجتمعات البشرية لا معول هدم لها، وتُسهم في تحسين جودة حياة الإنسان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030. وطننا الحبيب «المملكة العربية السعودية» يتبنى استراتيجية جليّة ويخطط لمستقبل أجياله ويتجه إلى المستقبل قبل الكل، من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية وقطاعات الأعمال، فهي الدولة الأولى التي قام أول أولمبياد دولي للذكاء الاصطناعي بمشاركة أكثر من 25 دولة على أرضها، وهي الدولة الأولى التي أعلنت شراكة مع الأمم المتحدة حول حوكمة الذكاء الاصطناعي، وهي الدولة التي أطلقت المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالرياض تحت رعاية اليونسكو، والشراكة بين المملكة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول الذكاء الاصطناعي الموثوق، كما أطلقت استراتيجية وطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي «نسدي» في عام 2020.
عمل عظيم وهائل يجري بوطننا الحبيب في ملف الذكاء الاصطناعي ستتضح نتائجه قريباً، ويوثق به ريادة جديدة في وطن لا تهدأ مساعيه ولا تتوقف أحلامه، مثلما قال سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله -: «ما نمر به اليوم تاريخ لا ينسى وتحد مع الزمن سنجني قريبًا منجزات وأعمالًا لا تخطئها الأنظار».