م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- في زمن الرؤية وانتقال المجتمع من التوجه الريعي إلى الإنتاج التنافسي، لم تعد الحياة تحتمل العيش بعشوائية أو عبثية أو الاتكال على الظروف والصدف، بل لا بد من الإعداد والاستعداد والتخطيط لكل مرحلة من مراحل الحياة.. وأخطر تلك المراحل التي تحتاج إلى التأهب هي مرحلة التقاعد التي لا تحتمل المجازفة ولا التهاون، فالعمر يكون في خريفه، والجسد لم يعد في عنفوانه، والنفس قد هرمت.. إنها المرحلة التي يحتاج فيها المتقاعد إلى الاطمئنان لا القلق، إلى من يأخذ بيده لا أن يُتْرك لمصيره.
2- كلنا نعرف أنه بمجرد التقاعد يتحول صرف رواتبنا من الجهة التي كنا نعمل بها إلى التأمينات الاجتماعية ويصحب ذلك انقطاع التأمين الطبي عنا وعن زوجاتنا، فنجد أنفسنا أمام حائط صلد اختراقه مستحيل، وارتقاؤه صعب، والالتفاف حوله يحتاج إلى نظرة عليا تساعدنا وتخدمنا حتى نهاية أعمارنا ونحن مطمئنون على الأقل أن صحتنا تحت الرعاية.. فالتأمين الطبي لم يعد ترفاً بل حالة من الاطمئنان ووسيلة للحماية من كل طارئ يصيب بالقلق.
3- النظرة العليا التي نقصدها تساعد وتخدم بشكل رسمي، ولا تقوم على الالتفاف على النظام بل البحث عن الحل العملي الذي يخدم كل الأطراف.. فمثلاً ماذا لو استمر التأمين الطبي للمتقاعد وزوجته على جهته التي تقاعد منها، والتنسيق مع التأمينات على خصم قيمة القسط الشهري للتأمين الطبي من راتب المتقاعد الشهري.. فلو ذهب المتقاعد كفرد لشراء بوليصة تأمين طبي لكلفته قيمتها أضعاف لو تم شراء البوليصة ضمن جموع موظفي الجهة.
4- قد يقترح بعضهم أن تتولى التأمينات الاجتماعية نفسها شراء بوليصة تأمين طبية موحدة للمتقاعدين، لكن هذا الاقتراح سوف يعني أنها ستكون بوليصة عالية التكلفة لأن الفئة العمرية المستهدفة ستكون في الستين أو جاوزتها في العمر، بينما لو كان التأمين من خلال الجهة التي كان يعمل بها لغطت فئات العمر كافة مما يعني خفض قيمة التأمين.
5- الحقيقة أن فائدة التأمين الطبي تتجاوز العلاج إلى الوقاية من المرض، ومجتمعنا اليوم مجتمع فتي في أغلبه، لكن شباب الأمس هم متقاعدو اليوم، وشباب اليوم هم متقاعدو الغد.. وهؤلاء سيكون عددهم كبيراً جداً وسيزيد مع الزمن، والوقاية في هذه الحالة لها ثمن لا شك أنه سيكون أرخص من العلاج.. ليس ذلك وحسب فالتأمين الطبي للمتقاعد وزوجته أمان نفسي وحيوي، يخفف قلق الخوف من تكاليف علاج أمراض الهرم.. وهذا الإحساس بالأمان حتماً سوف ينعكس على جودة حياة الأسرة والمجتمع بأسره.
6- الخلاصة: لا تتركونا نواجه الشيخوخة وحدنا بلا غطاء.