م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - هل التطرف فكر أم سلوك؟ هناك من يرى أن المتطرف بلا فكر فكيف يُصَنَّف عمله بالفكري؟ لذا يرون التطرف سلوكاً.. أيضاً لماذا يتشدد البعض إلى حد التطرف ويتساهل البعض إلى حد التفريط، ولماذا عامة الناس بين الطرفين، حتى أجمع الناس على أن الفضيلة وسط بين رذيلتين؟ كذلك لماذا يختلف شخصان تربيا في بيت واحد وتلقيا ذات التعليم وعاشا ذات المستوى المعيشي، أحدهما يتحول إلى التشدد في الدين والآخر إلى النقيض؟
2 - في المفهوم العام التطرف هو أن تكون في أقصى اليمين أو أقصى اليسار على أي من مسارات الحياة العامة السياسية أو الاجتماعية أو الفكرية.. فأحد تعاريف التطرف هو: «حالة الحد الأقصى».. المشكلة أن المتطرف لا يرى نفسه متطرفاً، بل هو يصف كل من ليس معه في تطرفه بأنه متطرف.. والغريب أن المتطرف ينظر إلى مصطلح التطرف على أنه نقيصة ومذمة، وإن وصفته به فإنه يعتبره نوعاً من السباب.. كما أن المتطرف يرى أن رأيه وما يؤمن به هو حق مطلق، وأن أية منازعة له فيما يؤمن به يعتبر اعتداء يستدعي رد الفعل العنيف جداً.
3 - هناك نظرية تقول: أن التشدد ليس نتيجة الدعوة للتشدد، أي أنه ليس بتأثير خارجي، بل هو نتيجة طلب عاطفي داخلي يبحث عن الخلاص عبر فكرة متشددة دينياً أو دنيوياً.. إذا نظرنا إلى المصطلحات التي يستخدمها المتطرف فسنجدها كلها مصطلحات بلغت الغاية في تطرفها كمصطلحات: الاجتثاث، والتغيير الجذري، والانتزاع، والنحر.. وأخرى.
4 - من سمات المتطرفين الميل السلوكي لتدمير المخالفين، يدعون للكراهية، يصنفون الناس للتحريض عليهم، الميل للترهيب، شيطنة الآخر.. فالمتطرفون يقفون ضد الحلول الوسط، غير متسامحين مع المختلف، يدافعون عن العنف ويدعون لاستخدامه، يدعون إلى الفوضى لتحقيق المقاصد، لا يتكلمون عن قضيتهم بل عن خصومهم.. لذلك فالمتطرفون لا يرون حقوقاً لتيار الوسط، ويرون أن التيار المتطرف المواجه لهم عدو يجب محاربته.
5 - ولأن التطرف سلوك وليس فكراً فسوف تجد المتطرفين في كل صنف أو فئة.. فالليبراليون الداعون إلى الحرية المطلقة يرون أنه «لا حرية لأعداء الحرية».. والمتطرفون في حماية البيئة يقومون بتفجير المصانع المؤذية للبيئة.. والداعمون لحقوق الإنسان المحاربون للإجهاض يرون تدمير عيادات الإجهاض وقتل العاملين فيها! وهكذا.
6 - التطرف ليس مقياساً ثابتاً، بل هو متغير متحرك باختلاف المجتمعات والظروف والزمان والمكان. والشخصية.. فالمتطرف في العنف شخصية متوترة، كما أن المتطرف في عدم المبالاة شخصية بليدة.
7 - المتطرف عدواني الشخصية، أحكامه قاسية، وقراراته سريعة، وآراؤه منفعلة، اختلافاته خلافات شخصية.. وهو أيضاً متطرف في ولائه، وطاعته، وانقياده، وتقيده الصارم، وخضوعه لأوامر قادته، حتى ولو كان في ذلك هلاكه.
8 - المتطرف هو ابن لحظته، لا يفكر بالمستقبل ولا ما يمكن أن يترتب على تطرفه.. ومع أنهم أقلية إلا أنهم نتيجة لعنفهم فإن تأثيرهم بالغ في الأكثرية.
9 - من صفات المتطرف أنه متوتر وإن أبدى الهدوء الخارجي، وهو في كل حالات تطرفه ينزع إلى التكلف المفرط أو التساهل إلى حد الانحلال، فلا توسُّط في قاموسه حتى في حبه وكرهه.. فالمبالغة في طبعه، والعقلانية ليس لها وجود في أي أمر يغذي تطرفه.
10 - المتطرف في كل ما يمسه عدواني، وهو يعيش لحظته وزمنه لا يفكر في المستقبل ولا ما يمكن أن يترتب على تطرفه بتلك اللحظة.. أحكامه قاسية سريعة منفعلة تحمل في داخلها كمية من الأذى لا يهتم لها لأنها تشبع لحظته، وتصبح كل الأمور عنده شخصية.
11 - المتطرفون أقلية، لكن إن وصلوا إلى سلطة مهما كان مستواها يتحولون إلى وحوش سادية، وإذا لم تسر الأمور على هواهم تعمى عقولهم فيأخذون في تحطيم كل ما حولهم.. وهذه الحالة تفقدهم الأصدقاء مما يولد شعوراً عميقاً بالدونية لديهم يتحول إلى غضب مدمر.
12 - المتطرف يكون متطرفاً في كل شيء.. في أحكامه وآرائه وأوامره ونواهيه وعقابه وانتقامه.. ويتصف بالحماس الزائد والغيرة المفرطة والغضب الهائج والروح العدائية والأحكام الشاذة، فيفقد السيطرة على الواقع، ويتعامل مع الحياة وفق الصورة التي رسمها بنفسه.
13 - آليات التفكير عند المتطرف تقوم على عدة ركائز، فلو تم إزالة أحدها تبقى ركائز التطرف الأخرى فاعلة.. لهذا يبدو المتطرف بلا شخصية ناقدة وأنه تحت تأثير غسل دماغي ونفسي كبير، ولإقناعه بأفكار التطرف يتم استخدام مفاهيم دينية عالية، كالاستشهاد والتضحية بالنفس من أجل الدين أو القومية، وإثارة الغيرة والغضب لاستثارة النفس وتبرير الأفعال المتطرفة التي يقترفها.