يقدم الفنان زايد الزهراني في معرضه الشخصي الأول (وهج) تجربة فنية مميزة تستحق الوقوف عندها، لما تحمله من عمق بصري وثقافي يعيد قراءة المفردة التراثية بمنظور حديث وأسلوب بصري راقٍ.
ما يلفت النظر في أعماله هو القدرة على المزاوجة بذكاء بين تقنية الأكريليك وشفافية الباستيل، مما يمنح اللوحة ملمساً بصرياً متعدد الطبقات، حيث تتناغم المساحات اللونية بانسيابية تُمتع العين وتستفز التأمل.
من الناحية البنيوية، يعتمد الزهراني على تكوين دائري أو شبه دائري يُحكم حركة المتلقي داخل اللوحة، فتدفعنا العناصر والمفردات إلى التجوّل حول «محور بصري» متخيل، في تجربة لا تشبه القراءة الخطية للأعمال التقليدية، بل تتطلب نوعاً من الانغماس الدائري الذي يعكس ثراء المعنى والرمز.
أما من حيث الموضوع، فإن أعماله تُعيد إحياء التراث السعودي ليس بوصفه شكلاً زخرفياً، بل كمصدر حي للهوية، يُعاد تشكيله بما يتوافق مع الحاضر الجمالي والطرح المعاصر. إن اختيار الزهراني لمفرداته التراثية لا يتم بعشوائية، بل ينبع من وعي بصري ومعرفي يجعل كل شكل يحمل وراءه سردية ثقافية مختزنة.
باختصار، فإن تجربة الفنان زايد الزهراني تُعد مزيجاً ناجحاً من الحداثة والهوية، وتفتح باباً للحوار بين الماضي والحاضر، بأسلوب بصري رصين يتكئ على تقنية متقنة وحس جمالي عالٍ. أعماله تستحق التقدير والتأمل، وهي إضافة نوعية للمشهد التشكيلي السعودي المعاصر.
** **
أ. د. سهيل بن سالم الحربي - أستاذ بكلية التصاميم والفنون جامعة أم القرى