تشهد الرياض اليوم تحولات غير مسبوقة على صعيد البنية التحتية والتطور العمراني، ما يجعلها واحدة من أبرز المدن العالمية الواعدة للاستثمار العقاري. ومع ارتفاع الطلب وتنامي المشاريع الكبرى، يصبح السؤال الأساسي للمستثمرين والمهتمين بالعقار: هل السوق متضخم أم مازال يحتمل النمو؟
حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية وانهيار العقار أو تقلبات السوق، يبقى العقار موجودًا وقيمته المادية ملموسة وحتما سيعود للنمو مجددا او سيستقر بشكل يناسب الجميع خصوصا اذا كان العقار استثماريا يدر دخلا سنويا. هذه الثقة في الملكية الملموسة تجعل العقار أداة أمان واستثمار طويل الأمد، خاصة لمن يعرف *متى وأين وبكم يشتري*. فشراء عقار في موقع استراتيجي بالرياض اليوم يمكن أن يتحول إلى مكسب كبير في المستقبل، سواء عن طريق التأجير أو إعادة البيع، حتى لو كانت الأرباح طفيفة على المدى القصير.
أن الفقاعات الاقتصادية تكون على أصول مثل الاسهم والعقارات بحيث يحصل حركة من الشراء قد لاترتبط بالضرورة في عامل ملموس فارتفاع قيمة أصل لايكون لأن الأصل هذا يحقق معايير وعناصر تسمح له بالارتفاع، بل بسب إقبال الناس عليه وتداوله، بالنسبة لعقار المملكة والرياض تحديداً قد يظن البعض أن العقار متضخم وفقاعة فقط لكن بالنظر لنسبة السعر إلى الدخل (Price-to-Income Ratio) وهي تعني عدد السنوات اللي تحتاجها الأسرة المتوسطة حتى تشتري منزلها لو خصصت كامل دخلها السنوي لدفع ثمنه نجد الأمر مختلفا. وتحسب النسبة بالصيغة التالية :
متوسط سعر المنزل مقسوما على
متوسط الدخل السنوي للأسرة
مثال:
اذا كان متوسط سعر الفيلا = 1,800,000 ريال
ومتوسط دخل الأسرة السنوي = 250,000 ريال
النسبة = 1,800,000 ÷ 250,000 = 7.2 وبهذه المعادلة نجد أن الرياض حققت حتى الآن 7.2 تقريبا بينما جدة 6.4 و الدمام قرابة ال 5، أما عالمياً، فتختلف نسبة السعر إلى الدخل بشكل كبير بين المدن.
ففي بكين وشنغهاي، تصل هذه النسبة إلى 29، ما يعني أن المواطن الصيني يحتاج لنحو 29 سنة لجمع دخله السنوي بالكامل لشراء منزل متوسط، في حين أن المدن الأمريكية مثل نيويورك وسان فرانسيسكو تسجل نسبًا أقل بكثير، حوالي 4 إلى 5 وقد يعزى ذلك الى ارتفاع مستوى الدخل والراتب بحكم الابتكار وتنوع القطاعات وقوة الدولار ما يجعل القدرة على التملك في أمريكا أكثر قابلية للتحقيق من الصين
المقياس العالمي:
3× أو أقل = سوق صحي
3-6× = طبيعي لكن الأسعار بدأت ترتفع
فوق 7× = بداية «الضغط على القدرة الشرائية»
فوق 10× = مستويات فقاعة حقيقية
بالتالي: الرياض حالياً في المنطقة الرمادية الخطرة، ليست فقاعة انفجارية، لكنها أعلى من قدرة شرائح واسعة من الناس على التملك.
ما يجعل السوق مازال أكثر قدرة على الاستيعاب مقارنة بالمدن الكبرى الصينية والعالمية التي تجاوزت هذه الأرقام بكثير، خصوصًا مع توقعات النمو المستقبلي وتأثير مشاريع كبرى مثل رؤية 2030 وكأس العالم في الرياض .
نصيحتي الشخصية: امتلاك شقة مناسبة لاحتياجاتك فقط في مدن عملية وتنمو بسرعة كبيرة كالرياض ، مع التركيز على تحويل العقارات الزائدة أو الكبيرة كالفلل إلى رأس مال عن طريق بيعها أو تأجيرها يمكن أن يغنيك و يعزز استثماراتك الأخرى. فبيع عقار في موقع استراتيجي بالرياض اليوم قد يحقق أرباحًا كبيرة، بينما الاحتفاظ بالشقة الصغيرة للتأجير أو السكن يوفر دخلًا مستمرًا ويقلل المخاطر وهو مقر للسكن يكون قريبا من الاعمال والأحداث العالمية .
ومن المهم النظر إلى السوق من زوايا مختلفة عند الرغبة في الشراء أو البيع فهنالك مجموعة من المستثمرين والمشترين، وليس أنت كفرد فقط، ومراعاة عوامل مثل نوعية السكان، قدرة الشراء، والمنافسة من المستثمرين المحليين والأجانب. كما أن المؤشرات غير الرقمية مثل قوة الدولة، الاستقرار السياسي، والإنفاق على البنية التحتية والأمن تعتبر عوامل مهمة لضمان استمرار قيمة العقار ونموه، وكل ذلك يتحقق ايجابيا في الرياض فهي تعتبر خيارا مناسبا للعيش أو الاستثمار أو الاثنين معا ومازالت أمامها فرص النمو مقارنة بالتاريخ أو بغيرها من مدن وعواصم العالم.
*الخلاصة*
الفرصة العقارية في الرياض اليوم نادرة، والمستفيد الحقيقي هو من يعرف الوقت والموقع والحجم المناسب للشراء، مع متابعة التغيرات الاقتصادية والسياسات المستقبلية. فالاستثمار الذكي لا يعني فقط شراء عقار، بل فهم السوق ككل، واستغلال الفروقات بين المدن، والتحكم في رأس المال بطريقة تضمن لك الاستقرار المالي على المدى الطويل والاستفادة من الفرص والارتفاعات وربما الأزمات إن وجدت، وفي النهاية.. كل فرد له القرار ولا يلوم إلا نفسه .
** **
أصيل المبارك - الباحث في علم الاجتماع الاقتصادي