د. إبراهيم الشمسان أبو أوس
أنجز هذا الكتاب أحد أهم طلبة الأستاذ الدكتور تمّام حسّان رحمه الله وهو أستاذنا الجليل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن حسن العارف، حظي بالإشراف الحسّاني في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، ونشأت بين العلمين أواصر علم ومحبة، حتى كان من بين تلامذة تمام الذين أصدروا كتابًا تذكاريًّا بمناسبة بلوغه الرابعة والثمانين من العمر، وهو كتاب (تمام حسّان رائدًا لغويًّا) في عام 2002م ونشرته عالم الكتب في القاهرة، ثم يأتي هذا الكتاب في ساقته مواصلة للوفاء والعرفان لشيخه، وهذا الكتاب دليل ببلوغرافي خاص بما كتب عن تمام حسان، نشر في ذكرى رحيله العاشرة؛ إذ توفي في (13/ 11/ 1432ه الموافقة 11/10/ 2011م).
قال أستاذنا العارف «وما جعلني أفكر في جمع هذه القائمة الببلوغرافية للأعمال العلمية العربية التي خُصِّصتْ لأستاذنا تمّام حسّان، هو ما وجدته لدى طلبة الدراسات العليا في جميع أنحاء العالم العربي، وخاصة في المغرب العربي من استفسارات عن ما كتب عن شيخنا من حيث اجتهاداته اللغوية، وأنظارة اللسانية، في الأصوات والبنية والتركيب، والدلالة، والمعجم، وغيرها من جوانب المعرفة اللغوية، إذ تبين لي الشحُّ الشديد في المعلومات المتوافرة لديهم عنه، وعدم تمكنهم من الاطلاع على ما كُتب في هذا الميدان، سواء أكان ذلك مطبوعًا أم مخطوطًا، وبخاصة أنهم يُعِدّون العُدَّة للكتابة في آراء الدكتور تمام حسان اللغوية، وجهوده في دراسة قضايا اللغة على المستويات اللغوية المختلفة»(ص12-13).
تمكن أستاذنا العارف كما يقول في (ص15) من جمع ما يقرب من مئتين وثلاثين عملًا علميًّا، ما بين مؤلف مطبوع، ورسالة جامعية غير منشورة، وبحث أكاديمي منشور في مجلة علمية، ومقالات خاصة، ومقابلات ولقاءات صحفية ومرئية. وصنع في تمهيده لهذا الدليل جداول إحصائية تحليلية للموضوعات المجموعة تبين أماكن نشرها ونسب توزعها في البلدان.
قُسّم هذا الدليل خمسة أقسام: للمطبوعات وللرسائل وللبحوث وللمقالات الخاصة، وللمقابلات واللقاءات الصحفية والمرئية، ورتبت الأعمال ترتيبًا هجائيًّا بغضّ الطرف عن تاريخ نشرها، والأولى في رأيي المتواضع سردها من غير تقسيم تسهيلًا للوصول إليها، وبخاصة أن أستاذنا صنع كشافات تغني عن التقسيم.
وذكر أستاذنا أنّ هذا الكتاب لا يتضمن ما ورد في بعض المؤلفات من فصول وأبواب أو مباحث عن الدكتور تمام وآرائه اللغوية لكثرتها ولكونها لم تخصّص به، إلا ما استلّ منها ونشر وحده في مجلة علمية. وكذلك البحوث التي لم يذكر في عنوانها اسم الدكتور تمام حسان؛ ولكنها تناولت في مضمونها التفصيليّ أهم القضايا التي تنسب للدكتور تمام كنظرية القرائن أو تضافر القرائن. وأما الرسائل الجامعية والبحوث العلمية التي كتبت بلغات أجنبية فلم تضف إلى هذا الكتاب الدليل؛ لأنه خاص بما كتب باللغة العربية.
وقد ختم هذا الدليل بفهارس فنية هي:
-فهرس لجميع الأدبيات العلمية الواردة في هذا الدليل مرتبًا بحسب تأريخ النشر.
- فهرس لأسماء الأعلام الواردة في هذا الدليل.
- فهرس للبلدان التي صدرت فيها هذه الأعمال العلمية.
- فهرس للكتب.
وذكر أستاذنا أنه اطلع بعد فراغه من هذا الدليل على دراسة علميّة في علم المكتبات، وصفها بأنها من الدراسات المهمّة في هذا المضمار للدكتور رضا سعيد مقبل، وصدرت عام 2015م، وعنوانها (الدكتور تمام حسان - دراسة بيوجرافية ببليومترية) وفيها تناول الباحث أعمال الدكتور تمام حسان، وما كتب عنه، والرسائل العلمية التي أشرف عليها، مستخدمًا منهج القياسات البيوجرافية (الببليومترية)، ومطبقًا الطرق الإحصائية في تحليل الإنتاج الفكري للشخصيات العلمية.
وقال أستاذنا بتواضعه الجمّ المعروف «ولا شكّ أني أفدتُ منها، ولها فضل السَّبْق في هذا الإطار المعرفيّ»(ص21)، واقتبس بيت الألفية:
وَهْوَ بِسَبْقٍ حائزٌ تفضيلًا
مُستوجِبٌ ثنائيَ الجميلا
وكذلك ختم تمهيده الرائع الوافي بأغراضه بقوله «وأخيرًا، فما ورد في هذا الكتاب/ الدليل، هو ما علمته واطّلعتُ عليه حتى الآن من تلك الأعمال العلميّة التي خُصّصتْ لأستاذنا الدكتور تمام حسان...لا أزعم أنني أوردت في هذا الدليل كلَّ ما كتب عن شيخنا؛ فذلك أمرٌ تندُّ عنه الطاقة، وتقصر دونه الجهود؛ وأؤكد في هذا المقام أن هناك أعمالًا علميّة أخرى متناثرة ما بين مشرق الوطن العربي ومغربه، وفي بلدان أخرى من العالم أيضًا، لم أطَّلع عليها، ولم تصل إليها جهودي أو متابعتي لها على مدى أكثر من سبعة عشر عامًا مضت، وهذا أمرٌ بدهيٌّ في مثل هذه الأعمال التي... يكون الرصد فيها مظِنَّة الوقوع في النقص والخطأ، وعدم الشمول والإحاطة، وإني لآمل من جميع الزملاء والباحثين في الميدان اللغوي، ومن قُرّاء هذا الكتاب الذين لهم سهمة في هذا الإطار بصفة خاصة، ألّا يضنّوا عليّ بمعلومة فاتت في هذا الدليل، أو وردت في غير موضعها الصحيح، أو لم تكن دقيقة في رصد بياناتها، وسيكون ذلك محل اهتمامي وتقديري، وسأتدارك ذلك في قابل الأيام بمشيئة الله»(ص23).
وبعد فهذا الدليل الذي نشرته دار عالم الكتب في القاهرة عام 2023م من أهم مراجع الباحثين وطلّاب الدراسات العليا، وهو مثال يجدر أن يحتذى فكثير من البحوث والأعمال التي تتناول حياة العلماء وجهودهم العلمية متفرقة في وسائل النشر يحسن جمعها في دليل يسهل العودة إليها.