محمد العشيوي - «الجزيرة»:
لم يكن مهرجان الرياض للكوميديا مجرد حدث فني عالمي، بل تحوّل إلى ظاهرة جماهيرية غير مسبوقة، حيث غصّت شوارع العاصمة وساحاتها بالجماهير القادمة من كل صوب، وامتلأت منطقة بوليفارلد رياض سيتي وANB أرينا بالحضور حتى آخر مقعد، فيما اصطفّت الحشود في طوابير طويلة منذ ساعات مبكرة لتأمين أماكنها، في مشهد يوازي المهرجانات العالمية الكبرى ويعكس الشغف الجماهيري لمثل هذه الفعاليات.
ولم يكن الحضور عاديًا، بل كان تدفقًا بشري هائلًا يملأ المكان بطاقة وحيوية، إذ تقاطر الجمهور ليعيش تجربة الكوميديا الأكبر في العالم، فتحوّلت الممرات والساحات إلى أنهار من التفاعل الممتد بين المسارح والعروض، في زخم جعل الرياض تضاهي العواصم العالمية الشهيرة بمهرجاناتها الفنية، بل تتفوق عليها في حجم الحضور وتنوعه.
الجماهير لم تكتفِ بالحضور، بل صنعت جزءًا كبيرًا من نجاح المهرجان، إذ ترددت الضحكات في أرجاء القاعات كأمواج متلاحقة، وارتفعت التصفيقات لتشكّل سيمفونية فرح جماهيرية امتزجت بأداء النجوم العالميين. وكان المشهد لافتًا حين توحّدت آلاف الوجوه في ابتسامة واحدة، في صورة إنسانية نادرة توثق قوة الكوميديا في جمع الناس من مختلف الثقافات.
حضور عالمي غير مسبوق
اصطف الجمهور لمتابعة نجوم عالميين بحجم راسل بيترز، كيفن هارت، زارنا قارج، عزيز أنصاري، سيباستيان مانيسكالكو، بيل بر، إلى جانب ديف تشابيل، أندرو شولتز، غابريال إغليسياس، جيف روس، وجيمي كار وغيرهم. وكان لافتًا أن بعض العروض شهدت امتلاء القاعات بالكامل قبل انطلاقها بوقت طويل، في مؤشر على الشغف الجماهيري الكبير.
هذا الإقبال الكثيف لم يقتصر على الجمهور المحلي، بل كان مزيجًا من سياح قدموا خصيصًا من مختلف القارات للاستمتاع بهذا الحدث، ليؤكد المهرجان أن الرياض أصبحت قبلة جماهيرية للترفيه العالمي. ومع هذه الحشود الغفيرة التي كسرت التوقعات، برزت صورة الرياض كمدينة عالمية تستقطب المجتمع لا بالعروض فقط، بل بالتجربة المتكاملة التي تجمع بين التنظيم المحترف، الأجواء الاحتفالية، والبنية التحتية القادرة على احتضان ملايين الزوار.
ولا يعد المهرجان مجرد لعروض كوميدية، بل انعكاس لحب الجمهور السعودي والعالمي لهذا الفن، إذ بدت الضحكات جسرًا للتواصل بين الثقافات. وفي كل مشهد كوميدي، كانت تتعالى صيحات الجمهور وتصفيقهم الحار، لتؤكد أن الضحك هو أقصر الطرق للاقتراب من القلوب.
وبالحضور الغفير والنجاح الكبير، رسّخ مهرجان الرياض للكوميديا مكانة العاصمة السعودية كوجهة أولى للفعاليات العالمية، وكمنصة كبرى تستقطب نجوم العالم، مؤكدة أن الضحك يمكن أن يكون جسرًا للتقارب الفني ورسالة سلام يعيشها الجميع تحت سماء واحدة، في اجتماع استثنائي للثقافات وصناعة لحظات لا تُنسى تبقى في ذاكرة الجمهور طويلًا.
نجاح استثنائي ورؤية متجددة
وفي وقت سابق، كان قد أُعلن عن مهرجان الرياض للكوميديا لأول مرة من قِبل الهيئة العامة للترفيه في يوليو الماضي، ليُعد واحدًا من أضخم المهرجانات الكوميدية على مستوى المسارح العالمية ومنصات البث. وقد جمع المهرجان أكثر من 50 نجمًا كوميديًا عالميًا من الحاصلين على جوائز مرموقة في مجالات الترفيه، وانطلق في 26 سبتمبر ليستمر حتى 9 أكتوبر المقبل، متضمنًا جدولًا حافلًا بالعروض اليومية والتجارب المتنوعة، من الكوميديا الارتجالية إلى الحوارات الحية.
الكوميديا.. تجربة إنسانية وسياحية فريدة
ما يميز مهرجان الرياض للكوميديا لم يكن العروض وحدها، بل الأثر العميق الذي تركه في نفوس الحضور من مواطنين وزوار وسياح قدموا من كل مكان فقد تحوّل الضحك إلى لغة عالمية جمعت آلاف الأشخاص على اختلاف ثقافاتهم وخلفياتهم في لحظة واحدة من البهجة، هذا التفاعل الجماهيري الهائل أظهر أن الترفيه والكوميديا ليسا مجرد فنون مسرحية، بل عنصران أساسيان في صناعة التجربة السياحية المتكاملة. وبحكم كونه أكبر مهرجان كوميدي في العالم، وفّر الحدث للزوار فرصة فريدة لاكتشاف الرياض كعاصمة نابضة بالحياة تجمع بين السياحة والثقافة والاحتفال الإنساني، ما رسّخ مكانتها كوجهة عالمية أولى لصناعة الترفيه.