سارة الشهري
في زمن تتعدد فيه المنصات وتتصارع فيه الرسائل، لم يعد من السهل أن يجد المواطن مرجعاً واحداً يطمئن إليه ويأخذ منه المعلومة الموثوقة.
هنا يبرز دور مركز التواصل الحكومي في وزارة الإعلام السعودية، الذي تحوّل خلال سنوات قليلة إلى نافذة رسمية تجمع بين الدقة والشفافية والاحترافية، ليصبح نقطة التقاء بين صوت الدولة وتطلعات المجتمع.
إنّ قيمة المركز تكمن في أنه لا يكتفي بنقل البيانات الرسمية، بل يعيد صياغتها بلغة واضحة، ويضمن أن تصل إلى جميع الفئات عبر الوسائل التي تناسبها.
فالمواطن يتلقّى المعلومة في مؤتمر صحفي أو بيان رسمي، بينما يتابعها الشاب على منصات التواصل الاجتماعي في شكل إبداعي مختصر، وتلتقطها وسائل الإعلام المحلية والعالمية مترابطة ومتسقة.
هذه المنهجية حوّلت المركز إلى غرفة عمليات إعلامية تعكس جدية الدولة في تعزيز مبدأ الشفافية.
ولا يمكن إغفال الدور المحوري للمركز في توحيد الخطاب الإعلامي للجهات الحكومية. ففي السابق، كانت الرسائل قد تبدو متفرقة، لكن اليوم باتت أكثر انسجامًا وتكاملًا. المتحدثون الرسميون يتحدثون بلغة مشتركة، والبيانات تصدر في أوقات محسوبة، والمبادرات الإعلامية تظهر بروح الفريق الواحد.
هذه الديناميكية عززت ثقة المواطن في الإعلام الحكومي، ورسخت صورة المملكة كدولة مؤسسات تدير رسائلها بوعي وحرفية.
أما على صعيد الإنجازات العملية، فإن تجربة المركز في حملة اليوم الوطني السعودي الأخيرة تستحق وقفة. لقد استطاع أن يحوّل المناسبة إلى حدث جامع تتناغم فيه المشاعر الوطنية مع الاحتراف الإعلامي. فقد أطلق شعارات موحّدة، وربطها بحملات بصرية وسمعية جذابة، وفعّل وسومًا رقمية وحملات تفاعلية اجتاحت المنصات الاجتماعية، فوحّدت الخطاب الشعبي والرسمي في لحظة وطنية واحدة.
لم يكن الأمر مجرد احتفال، بل كان تجسيداً لقوة الاتصال الحكومي حين يُدار بخطة مدروسة وأدوات حديثة.
يضاف إلى ذلك أنّ المركز لم يكتفِ بالجانب الاحتفالي، بل استثمر المناسبة لتعزيز الهوية الوطنية وإبراز الإنجازات التنموية الكبرى. فالحملة كانت فرصة للتذكير بمسيرة المملكة وإنجازاتها في مختلف القطاعات، وهو ما جعل الرسائل الوطنية تصل إلى الداخل والخارج على حد سواء.
إنّ نجاح المركز في مثل هذه الحملات يفتح الباب أمامه لمزيد من الأدوار المستقبلية. فالإعلام لم يعد ترفاً، بل هو عنصر أساسي في بناء صورة الدولة وتعزيز قوتها الناعمة. والمركز يدرك أنّ المواطن شريك في صناعة هذه الصورة، ولهذا فهو يحرص على أن تكون المعلومة في متناول يده، موثوقة وسريعة وجذابة في آن واحد.
لقد أثبتت التجربة أنّ الإعلام الحكومي حين يُدار باحترافية يمكن أن يكون أداة للتأثير الإيجابي، لا مجرد وسيلة لنقل الأخبار. ومركز التواصل الحكومي اليوم يشكل نموذجاً على ذلك، فهو لا يكتفي بأن يكون صوت الدولة، بل يسعى أيضاً إلى أن يكون صدى للمجتمع، جسراً يربط بين الطرفين على قاعدة المصداقية والانفتاح والوعي.