د. طارق بن محمد بن حزام
ما أعذب كلمة (أبشر) حين تطرق سمع المؤمن وتلامس قلبه الظمآن، فتسقيه أملاً وتغرس فيه يقينًا. وقد بعث الله نبيه مبشِّرًا قبل أن يكون منذرًا، يحمل للناس بشائر الخير والنجاة، ويزرع في أرواحهم التفاؤل والعمل.
البشارة منهج حياة
لم تكن البشارات النبوية كلمات عابرة، بل كانت منهجًا يفتح أمام الناس أبواب الرجاء ويحفزهم على العمل. فمنذ فجر الدعوة بشر النبي صلى الله عليه وسلم من وحَّد الله تعالى بنعيم الجنة، ومن اجتهد في الطاعة بالأجر العظيم، ومن صبر على البلاء بتكفير الخطايا ورفعة الدرجات بشارات في الأزمات في أحلك اللحظات حين ضاق صدر الصحابة من الأذى والابتلاء، كان نور البشارة يشرق من فم النبي صلى الله عليه وسلم يعدهم بالأمن والتمكين حتى يسير الراكب لا يخشى إلا الله، فكانت البشارة روحًا تسري في القلوب تدفعها للصبر والثبات، وتغذيها برجاء لا يخبو.
لم تقتصر البشارة على الأفراد بل عمَّت الأمة جمعاء فوعدها النبي صلى الله عليه وسلم، بالرفعة والنصر والتمكين مهما اشتدت الخطوب وطال البلاء، مؤكداً أن العاقبة للمتقين. ومن هنا جاء توجيهه الخالد (بشِّروا ولا تنفِّروا ويسِّروا ولا تعسِّروا) دعوةً إلى التلطّف في الدعوة وزرع الرجاء في النفوس.
لقد امتلأت قلوب الصحابة بثقة لا تتزعزع في البشارات النبوية حتى أقسموا على وقوع ما لم يقع بعد لأنهم أيقنوا أن وعد الله ورسوله حق وأن البشارة ليست أمنيات معلقة، بل حقائق ستشرق في أوانها.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى استعادة هذا النور الذي يحول المحنة إلى منحة واليأس إلى رجاء ويعلِّمنا أن الفرج قريب، وأن النصر مع الصبر {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}.