د. إبراهيم الشمسان أبو أوس
المعجمي:
اهتم أستاذنا برصد ما نُشر عن التراث في بلادنا كما اهتم بأعمال أعلام مميزين من هذه البلاد، ويأتي في هذا المجال عمله الموسوعي الضخم «معجم مطبوعات التراث في المملكة العربية والسعودية» وهو من إصدارات كرسيّ الدكتور عبدالعزيز المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها، ظهر في 8 مجلدات، ونشر في 1436هـ/ 2015م، وتفضل عليّ أستاذي بنسخة مميزة من المعجم فقرأتها وكتبت عن الكتاب بعض الملحوظات التي أثنى عليها أستاذي.
ويدخل في اهتمامه برصد التراث كتابه (حمد الجاسر والتراث: قراءات في فكره ومنهجه) الصادر عن دار ملامح في الشارقة عام 2020م، في 267 صفحة. وكتاب (آثار الشيخ محمد بن عبدالوهاب) نشرته دار المريخ/ الرياض، 1402هـ/ 1982م.
ويدخل في هذا كتابه «حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية: دراسة تاريخية تحليلية نقدية» نشر «دار العبيكان/ الرياض، 1441ه/2020م». وجاء في تعريفه على الغلاف «يهدف هذا الكتاب إلى دراسة حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية دراسة علمية، تؤرخ لهذه الحركة منذ دخلت المطبعة أرض هذه البلاد سنة 1300هـ/ 1883م، حتى قبيل صدور هذا الكتاب. وهي (أي الحركة) ملحمة فكرية وعلمية، وثقافية مضيئة، «خاضتها بلادنا، وبخاصة بعد توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، ثم نمت بعد ذلك، وتطورت بتعدد الجهات التي رعت هذه الحركة، من مؤسسات رسمية، وجامعات، ومراكز علمية، ومنافذ نشر متنوعة. وكان لها أثرها الكبير في إخراج الجم الغفير من كنوز التراث العربي إلى النور».
الشاعر:
أستاذي شاعر مقلّ فلا أعرف له ديوانًا في ذلك؛ ولكني أذكر مشاركته في ندوة شعرية نظمها قسم اللغة العربية عام (1393ه) ضمت ثلاثة من أساتذة الجامعة هم: د. أحمد بن محمد الضبيب ود. منصور إبراهيم الحازمي، ود. غازي القصيبي.
سادن العربية:
أجد أستاذنا دائمًا في موضع الإعجاب والتقدير، فهو من أكثر المهتمين بالعربية، المنافحين عنها، الحاملين همومها، المشاركين بفعالية بكل ما من شأنه تطوير درسها، وهو مثابر على متابعة المؤتمرات والمشاركة فيها، وحضور الندوات والتعقيب بما يثري جوانب موضوعاتها، فما حضرت له محاضرة أو سمعت له تعقيبًا إلا ازددت منه معرفة وتعلمت منه شيئًا جديدًا، فلا زال الله منعمًا عليه بالصحة ونافعًا به العربية، وأهلها. بل تجده يثني على من يسعى سعيه ويسير في ساقته، كتب معلقًا على كتابة لي (العربية بين الانقراض والتطور)(1) قائلًا «أحسنت
أحسنت يا أبا أوس.. لكن لقد أسمعت لو ناديت حيًّا..ومع ذلك يجب أن لّا نيأس، سيأتي اليوم الذي يفيق فيه العرب من غفوتهم اللغوية. وسيعرفون -وأرجو أن يكون قبل فوات الأوان- بأن لا نهضة بلا لغة قومية قوية هي لغتهم العربية التي تملك من الإمكانات ما يفوق كثيرًا من اللغات العالمية المعاصرة. وإلى أن يأتي ذلك اليوم يجب أن يستمر المخلصون من أمثالك في رفع الصوت والمطالبة بأن تحل اللغة العربية مكانها اللائق في جميع البلاد العربية.
07/08/2010م 04:31 د.أحمد الضبيب».
من أهم كتبه التي تجلّى فيها دفاعه عن العربية (اللغة العربية في عصر العولمة). والعولمة كما بيّن أستاذنا هيمنة دول الشمال المتقدمة على دول الجنوب النامية أو المتخلفة بفرض شروط اقتصادية وسياسية وثقافية. واللغة من أهم مكونات هُوية الأمة، فهل تواجه اللغة العربية تحديًا في عصر العولمة؟
على الرغم من أن العربية واجهت في ماضيها تحديات نجحت في التغلب عليها تواجه في العصر الحاضر تحديات شرسة بسبب غلبة المصالح المادية والتأثير الإعلامي والتبشير بأن اللغة الإنجليزية لغة عالمية. ضم هذا الكتاب جملة من المطالب منها (في ظل العولمة: علاقتنا باللغة الأجنبية)، و(المصطلح العربي في عصر العولمة)، و(مستقبل الثقافة العربية من خلال اللغة)، و(اللغة العربية والإعلام: الواقع والمأمول)، و(لقاء مع مجلة المعرفة)، و(بل الواجب أن تكون عربية).
ومن كتبه في هذا المجال كتاب بعنوان: «العرب والخيار اللغوي: دراسات ومقالات في الواقع اللغوي العربي المعاصر» صادر عن نادي القصيم الأدبي الثقافي 2016م.
قال محمد المرزوقي عنه «تدور معظم الدراسات التي ضمها الكتاب، حول أهمية اللغة بوصفها أداة من أدوات النهوض، وعنصرًا مهما من عناصر التنمية، حيث إن أغلب المخططين للتنمية في العالم العربي لم يأخذوا أهمية اللغة في اعتباراتهم، فقد ظلت معظم البلدان العربية تسير بدون سياسات لغوية، إذ كان أمام العرب ثلاثة خيارات في هذا المجال: إما تبني اللغة الأم، وهي اللغة الفصيحة، أو الاعتماد على العامّية، أو اللجوء إلى اللغة الأجنبية»(2).
الإداري:
أثبت أستاذي مهارته وتفوقه في الإدارة منذ عمل في الجامعة؛ إذ كان أول رئيس سعودي لقسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود، من 1969 حتى 1974، وعميدَ شؤون المكتبات من 1974 حتى 1980. ثم تولَّى منصبَ نائب مدير جامعة الملك سعود من 1986 حتى 1990، ثم عُيِّن مديرًا للجامعة من 1410- 1416هـ/ 1990- 1996. وعين عضوًا في مجلس الشورى في 3/3/1418هـ، وهو أول -أمين عام لجائزة الملك فيصل العالمية بمؤسسة الملك فيصل الخيرية 1397 - 1406هـ.
وبالجملة فجهود أستاذنا صاحب المعالي العلامة أ.د. أحمد الضبيب كثيرة يعسر أن تزوى، ومهما قيل عنه أو عنها فإن القول يتقاصر ولا يفي بالمقتضى، وجدير بسيرته وأعماله أن تكون ميدانًا لدرس الدارسين.
** **
(1) نشرت في المجلة الثقافية- صحيفة الجزيرة، الخميس 24 شعبان 1431هـ/ 05-08-2010م. ع. 13825. الرابط: https://www.al-jazirah.com/2010/20100805/cu9.htm
(2) «العرب والخيار العربي» لمحمد المرزوقي، الثقافية، صحيفة الجزيرة، 14 شعبان 1437هـ/21/05/1916، ع. 15941.