عبدالعزيز بن سعود المتعب
لست بصدد الحديث عن الفرق بين النقد (كفن أدبي مستقل) والنقد الانطباعي، ولكن سأتناول ببساطة إشكالية شبه مستشرية في بعض وسائل التواصل الاجتماعي تتمحور حول تضخيم وصف شاعر -ما- بمسميات فضفاضة ليس لها صلة البتة بما قدمه للشعر من خلال قصائده، وهنا يجب محاولة خلق العذر قدر المستطاع لتصرف من يقفون خلف مثل هذه السلبيات، وعدم العجلة بافتراض سوء الظن في تصرفاتهم تلك، وتفسير نواياهم بتمحيص فقد يكون الأمر في مجمله ببساطة محدودية في تدني الذائقة الأدبية لديهم، من أسبابه قلة الثقافة وانعدام الاطلاع على تجارب أرحب مدى في جمالها مما أنتجه الشاعر، يقفون خلف إنتاجه ولم يتجاوزوا سقف ما قدمه لهم، أو التحيز لهذا الشاعر لسبب أو لآخر، وهنا تكون قضية أشخاص وليست قضية شعر، وفي المقابل وتفعيلا لمقولة -لا يصح إلاّ الصحيح- يُصدم من سبقت الإشارة لموقفهم بآخر متحيز لشاعر بنفس مواصفات شاعره الجهبذ الوهمية!
وهنا يبدأ خلاف لا اختلاف مع نظيره بألفاظ نابية ليس لها صلة بالأدب، ناهيك عن الاختلاف الموضوعي الراقي الذي لا يصادر من الآخر قناعاته ولأن -الرصد أولى خطوات العلاج- ولأن الضوء «يكشف الظلام»، فإن مثل هذه المهازل قد تكررت عبر التاريخ، وهي زوبعة في فنجان لا تلبث أن تزول، ومن يعود لمجموعة كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وغيرها من مرجعيات ما جُمع عن الشعر وأهله يجد هجائيات ومنازعات بسبب التحيز لشاعر دون آخر من جهله، ولم يحفظ التاريخ حتى اسم هؤلاء الشعراء أو مؤيديهم، ولم تتداول الأجيال شعرهم لسبب رئيسي هو أنه غير مبهر أسوة بشعر كبار الشعراء المتميزين الذين لم يقدمهم دعم بل قدمهم شعرهم، ووصلوا للناس بعد مئات السنين المتتالية على رحيلهم مثل امرئ القيس والمتنبي وغيرهما.
- وقفة للشيخ راكان بن حثلين -رحمه الله-
الذّم ما يهفي للأجواد ميزان
والمدح ما يرفع ردي المشاحي