الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد الدكتور عبدالله بن عبداللطيف الحميدي رئيس مجلس إدارة جمعية دعم الأوقاف بالرياض أن الأوقاف من أهم المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية في الإسلام، حيث قامت بدور كبير ورائد في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العصور الأولى للإسلام.
وفي الحديث الشريف، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «سبع يجري للعبد أجرهنّ وهو في قبره بعد موته: من عَلّم علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورّث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته» حسنه الألباني..
مذكراً إلى أنه كان للأوقاف دور جليل تقوم به في رعاية الحياة الاجتماعية ومساعدة المحتاجين وتقديم الخدمات العامة، مثل: التعليم والعلاج وسكّ الطرق وخدمات المياه والزراعة والصناعة وتحقيق الأمن وخدمة عابري السبيل، وغيرها.
وأبان د. عبدالله الحميدي في حديثه لـ»الجزيرة»: أنه في العصر الذهبي للإسلام، شهدت الأوقاف تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، حيث تم إنشاء المدارس والمساجد والمستشفيات والحمامات العامة والطرق والجسور، كما تم شق الأنهار وحفر الآبار وبناية الدور وغيرها من المرافق التي خدمت المجتمع بأسره.
مستشهداً ببعض الأمثلة التاريخية الرائعة على ذلك، كوقف عين زبيدة وهي بنت أبي جعفر المنصور وزوجة الخليفة هارون الرشيد، حيث أمرت بإنشاء قناة مائية في الطريق بين مشاعر مكة المكرمة لتوفير المياه للحجاج والمعتمرين، كما اشتمل المشروع على توفير برك الماء في الصحراء لقوافل المسافرين ودوابهم، كما أنه في التاريخ الإسلامي أوقف كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دورهم للسكنى في مكة والمدينة والطائف وغيرها، وتتابع على ذلك خلفاء الإسلام فأوقفوا المساكن للفقراء والخانات ودور الضيافة للمسافرين والمغتربين، ومن الأمثلة على ذلك أمر الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز بعمارة الخانات على طريق الحاجّ في خرسان شرق الدولة الإسلامية، كما تنوعت صور المساكن الوقفية وتعددت خدماتها وأسماؤها، فكانت الخانات ودور الضيافة للمسافرين والمنقطعين، والربوع والتي تبنى بغرض وقفها وتؤجر، والتكايا التي خصصت لمن لا يستطيع التكسب من العجائز وكبار السن والأرامل والأيتام، وغيرها.
وأشار د. عبدالله الحميدي رئيس مجلس إدارة جمعية دعم الأوقاف إلى أنه يمكن للأوقاف في عصرنا الحاضر أن تقوم بدور رائد في خدمة البلد وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وذلك من خلال استثمار أموالها في مشاريع تنموية وخدمية، مثل: التعليم والصحة والبنية التحتية والصناعة والزراعة، كما يمكن للأوقاف المعاصرة أن تقدم خدمات بلدية وسكانية وتعليمية وصحية واجتماعية، مثل: إنشاء المدارس والجامعات وتقديم المنح الدراسية، وبناء المستشفيات والمراكز الصحية وتقديم الرعاية الصحية، وتطوير البنية التحتية، مثل: الطرق والجسور والمياه والصرف الصحي، وإنشاء المساكن الاجتماعية وتوفير السكن اللائق للفقراء والمحتاجين، وتقديم المساعدات المالية والغذائية والصحية للمحتاجين، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويل اللازم لها، وبناء الاستراحات وأماكن التنزه سواء داخل الأحياء أو في طرق السفر، وإنشاء المزارع الوقفية للتنزه والتسلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وإنشاء محطات التحلية وحفر الآبار وإنشاء البرك في الصحاري للرعاة والبهائم والطيور وغيرها، وإنشاء المحميات الطبيعية والمساهمة في برامج مكافحة التصحر والجفاف، وتوفير سيارات نقل المرضى والعجزة وتسهيل وصولهم للمستشفيات ولقضاء حوائجهم، وبناء مراكز العلاج الطبيعي ومكافحة المسكرات والمخدرات والتدخين ومراكز التأهيل وغسيل الكلى وغيرها، وإنشاء المقرات للجمعيات الأهلية وتسهيل تقديم خدماتها للمجتمع، مشدداً على أنه لتحقيق ذلك يجب العمل على تطوير الأنظمة والإجراءات التي تيسر عمل الأوقاف وتحقق التمكين والامتيازات للقائمين عليها، كما يجب تسهيل وصول الأوقاف إلى الأماكن العامة وتعزيز الشراكة بين الأوقاف والمؤسسات الحكومية والخاصة، وأنه من خلال العمل المشترك والتعاون يمكننا تعزيز دور الأوقاف في خدمة البلد وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية حتى تكون الأوقاف شريكًا فاعلًا في التنمية الوطنية وقبل ذلك سببا في عمارة الأرض والخلافة فيها كما قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (14) سورة يونس